پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج3-ص502

اعتكاف يوم وإنما دخلت الليلة بين اليومين ، لأنها تخللت بين زمانين قد لزمه متابعة اعتكافهما .

والضرب الثاني : أن لا يشترط التتابع فلا يختلف المذهب أنه بالخيار إن شاء اعتكفهما متتابعاً ، أو متفرقاً ، وهل يلزمه اعتكاف الليلة التي بعد يومين ، أو لا على وجهين :

أصحهما : يلزمه اعتكافها ، لما ذكرنا من تخللها بين زماني الاعتكاف .

والوجه الثاني : لا يلزمه اعتكافها لأنه لما سقطت الموالاة بين اليومين ، لم يكن لما تخللهما من زمان الليل حكم .

مسألة :

قال الشافعي رضي الله عنه : ‘ ويجوز اعتكافه ليلةً ‘ .

قال الماوردي : وهذا مستقر على مذهب الشافعي ، لأن الاعتكاف لا يفتقر إلى صيام فجاز في كل زمان ومنع أبو حنيفة من اعتكاف ليلة والدلالة عليه ما ذكرناه من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال : يا رسول الله إني نذرت اعتكاف ليلةٍ في الجاهلية فقال النبي ( ص ) : ‘ أوف بنذرك ‘ فإن قيل : لا يصح لكم الاستدلال بهذا الحديث ، لأن نذور الجاهلية عندكم لا تلزم قلنا : هي وإن كانت غير لازمة فالوفاء بها مستحب ولا يمنع ذلك من الاستدلال بالحديث لأن أمره بذلك بعد الإسلام وإن على طريق الاستحباب ، فإنه يقتضي الاعتكاف الشرعي .

مسألة :

قال الشافعي رضي الله عنه : ‘ وإن قال لله علي أن أعتكف يوم يقدم فلانٍ فقدم في أول النهار اعتكف في ما بقي فإن كان مريضاً أو محبوساً فإذا قدر قضاه ( قال المزني ) يشبه أن يكون إذ قدم في أول النهار أن يقضي مقدار ما مضى من ذلك اليوم من يوم آخر حتى يكون قد أكمل اعتكاف يومٍ وقد يقدم في أول النهار لطلوع الشمس وقد مضى بعض يوم فيقضي بعض يومٍ فلا بد من قضائه حتى يتم يوم ولو استأنف يوماً حتى يكون اعتكافه موصولاً كان أحب إليّ ‘ .

قال الماوردي : وهذا صحيح إذا قال : لله علي أن اعتكف يوم يقدم فلان ، فلا يختلف المذهب أن نذره قد انعقد ، لأن الوفاء بموجب النذر أو ببعضه ممكن فإن قيل : فهلا كان نذره باطلاً ، كما لو قال لله علي أن أصوم يوم يقدم فلان قلنا : في نذر الصوم قولان أحدهما صحيح كالاعتكاف .

والثاني : باطل ، والفرق بينهما أنه يقدر على الوفاء بالاعتكاف ، أو بعضه ، ولا يقدر على الوفاء بالصوم ، ولا ببعضه لأنه إن قدم ليلاً فلا نذر وإن قدم نهاراً لم يمكنه صيام ما