پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج3-ص500

الاعتكاف حرام ، وفي الصوم حلال فلما افترقا في التحريم جاز أن يفترقا في الإفساد ، وفي المسألة لأصحابنا طرق ، وهذا أصحها .

مسألة :

قال الشافعي رضي الله عنه : ‘ وإن جعل على نفسه اعتكاف شهرٍ ، ولم يقل متتابعاً أحببته متتابعاً ‘ . قال المزني : وفي ذلك دليلٌ أنه يجزئه متفرقاً .

قال الماوردي : أما إن نذر اعتكاف شهر بعينه ، لزمه اعتكاف جميعه متتابعاً ليلاً ونهاراً ، لأن الشهر جميع الليالي والأيام فأما إن نذر اعتكاف شهر ، ولم يعينه بل أطلق نذره فيه فعليه اعتكاف الليل مع النهار ، لأن الشهر يجمعهما ، فإن تابع اعتكافه كان أولى وإن فرقه جاز ، وقال أبو حنيفة يلزمه اعتكاف شهر متتابع فإن فرقه لم يجزه استدلالاً بأن الاعتكاف يصح ليلاً ونهاراً ، فوجب إذا أطلق شهراً أن يلزمه متتابعاً ، كما لو قال : والله لا كلمت زيداً شهراً لزمه الامتناع من كلامه شهراً متوالياً وقوله يصح ليلاً ونهاراً احترازاً من الصيام ، لأنه لو نذر صيام شهر أجزأه متفرقاً عند أبي حنيفة قال : ولأنه معنى يتعلق بالمدة المطلقة فوجب أن يقتضي إطلاق التتابع كالعدة والإيلاء ، ودليلنا هو أن الشهر ينطبق على ما بين الهلالين وعلى العدد ، وهو ثلاثون يوماً مجتمعاً ومتفرقاً فإذا لم يشترط أحدهما فله أن يأتي به كيف شاء متتابعاً ومتفرقاً لانطلاق اسم الشهر عليه ، ولأنه نذر عبادة شهر مطلق ، فوجب أن لا يلزمه التتابع كما لو نذر مطلقاً صيام شهر ، فأما ما ذكره من اليمين ومدة العدة ومدة الإيلاء فالجواب عنه هو أنا إنما ألزمناه الموالاة في مدة العدة واليمين ، لأن عليه أن يبتدئ بالمدة من وقت اليمين ، وكذلك العدة ، ولا يقدر على ذلك إلا بالموالاة فأما أن تكون الموالاة شرطاً فيه ، ألا تراه لو حلف على زمان لا يوصف بالموالاة وهو أن يقول : والله لا كلمت زيداً يوماً ابتدأ ذلك اليوم من وقته فعلم ، أن المتابعة ليست شرطاً فيه ، وكذلك الاعتكاف لأنه مخير في ابتدائه ألا تراه لو قال : لله علي اعتكاف أي شهر كان إن شاء بدأ فيه من وقته ، وإن شاء أخره ، ومثال العدة من الاعتكاف واليمين ، أن يقول : لله علي اعتكاف شهر من وقتي هذا فيلزمه المتابعة لما فيه من البداية به من وقته فبطل استدلاله بذلك .

فصل

: وإذا قال : لله علي أن أعتكف شهراً بالنهار ، فله أن يعتكف النهار دون الليل متفرقاً ومتتابعاً ، وإنما سقط عنه اعتكاف الليل لأنه مستثنى باشتراط النهار .

فصل

: وإذا نذر اعتكاف شهر بعينه ، فذهب الشهر بعد نذره ، وهو لا يعلم به فعليه أن يقضي شهراً سواه ، ولا يسقط عنه القضاء بالنسيان ، فإذا أراد القضاء أجزأه متفرقاً ، لأن فوات زمان التعيين يسقط حكم الموالاة ، كما سقط وجوب المتابعة والموالاة في قضاء