پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج3-ص493

والثاني : أنه قد يحشم من أكله المصلون ، فربما دعاهم ذلك إلى الخروج .

والثالث : أنه ربما كان في طعامه قلة فاستحيى من إظهاره أو كان يفسد إن أخرج إلى المسجد فلذلك جاز له الخروج إلى منزله للأكل .

فصل

: فأما شرب الماء فإن اشتد عطشه وعدم الماء في مسجده جاز له الخروج إلى منزله ، وإن كان واجداً للماء في مسجده فمن أصحابنا من جعله كالأكل ، وأجاز له الخروج ، لأجله ومنهم من منعه من الخروج له مع قدرته عليه في المسجد ، بخلاف الأكل لأن في الأكل في المسجد بذلة ليست في شرب الماء ولأن استطعام الطعام مكروه ، واستسقاء الماء ليس بمكروه وقد استسقى رسول الله ( ص ) الماء ، ولم يستطعم الطعام ، ومتى أقام المعتكف في منزله بعد فراغه من حاجته بطل اعتكافه .

مسألة :

قال الشافعي رضي الله عنه : ‘ ولا بأس أن يشتري ويبيع ويخيط ويجالس العلماء ويحدث بما أحب ما لم يكن مأثماً ولا يفسده سباب ولا جدالٌ ‘ .

قال الماوردي : أما البيع والشراء وعمل الصنائع في المسجد ، فمكروه للمعتكف وغيره لرواية عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله ( ص ) نهى عن البيع والشراء في المسجد ولرواية عثمان بن عفان رضي الله عنه أن رسول الله ( ص ) قال جنبوا مساجدكم صناعكم فلو باع المعتكف ، واشترى وعمل صناعة من خياطة أو غيرها لم يبطل اعتكافه ، وقليل ذلك أخف من كثيره ، وإنما لم يبطل اعتكافه بذلك ، لأن الاعتكاف هو اللبث في مكان مخصوص ، فلما لم يفارق اللبث فهو على الاعتكاف ، ولأن الصوم والحج مع تغليظ حكمهما ، لا يمنعان البيع والشراء فكذلك الاعتكاف .

فصل

: فأما مجالسة العلماء ومذاكرتهم فمستحبة للمعتكف وغيره ، وحكي عن مالك كراهة ذلك للمعتكف ، وهذا خطأ ، لأن المذاكرة بالعلم قربة ، وقد قال الله تعالى : ( فِي بُيُوتٍ أَذَنَ اللهُ أنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ ) ( النور : 36 ) وقال ( ص ) : ‘ إنما بنيت المساجد لذكر الله والصلاة ‘ .