الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج3-ص492
والقسم الثالث : ما اختلف قوله فيه ، وهو المسجد الأقصى ، ومسجد النبي ( ص ) ، فأحد القولين قد تعين عليه الاعتكاف فيهما ، فإن اعتكف في غيرهما لم يجزه ، والقول الثاني : يستحب له فإن اعتكف في غيرهما جاز .
قال الماوردي : أما خروجه للبول والغائط فجايز إجماعاً ، لقول عائشة رضي الله عنها كان النبي ( ص ) لا يخرج إلى البيت إلا لحاجة الإنسان كناية عن الغائط والبول ، ولأن ذلك مما به إليه حاجة وضرورة فصار ذلك مستثنى من جملة نذره .
فإذا تقرر جواز الخروج إلى منزله للغائط والبول ، فلا فرق بين أن يكون منزله قريباً أو بعيداً أو سواء قدر على قضاء حاجته في طريقه ، أو منزل صديقه الذي هو أقرب من منزله أولى ، وإنما كان كذلك لأن في عدوله عن منزله إلى طريقه بذلة ، وإلى منزل صديقه حشمة فكان أولى الأمور له قصد منزله .
قال الماوردي : أما إن خرج من اعتكافه قاصداً لعيادة مريض ، بطل اعتكافه على ما سنذكره ، ولكن لو خرج للغائط والبول جاز أن يسأل عن المريض من غير لبث ، فقد روت عائشة رضي الله عنها قالت : كان رسول الله ( ص ) يمر بالمريض فيمر كما هو ولا يعرج عليه وكان يسأل عنه .
وحكي عن أبي العباس بن سريج وأبي الطيب بن سلمة : أنه إن خرج للأكل بطل اعتكافه ، ولكن لو خرج للغائط والبول ، جاز أن يأكل في طريقه ، ولا يطيل فإن أطال بطل اعتكافه قالا : لأن الشافعي عطف بالأكل على عيادة المريض ، فهما في الحكم سواء ولأنه قد يقدر على الأكل في المسجد ، فلم يكن له إلى الخروج حاجة وهذا الذي قالاه خطأ ، لثلاثة معان :
أحدها : أن في أكله في المسجد بذلة وحشمة وهو مأمور بالصيانة .