الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج3-ص489
وجملة الاعتكاف ضربان واجب وتطوع .
فأما التطوع فلا يفتقر إلى شرط الخيار إليه في المقام على اعتكافه والخروج منه ، وأما الواجب فهو النذر وهو على ضربين :
مطلق بغير شرط .
ومقيد بشرط ، فأما المطلق بغير شرط فهو ممنوع فيه من الخروج إلا لحاجة الإنسان فإن خرج لغيرها بطل اعتكافه على ما سنذكره ، وأما المقيد بشرط فهو على ضربين :
أحدهما : أن يشترط قطع اعتكافه .
والثاني : أن يشترط الخروج منه فإن اشترط قطع اعتكافه ، فصورته أن يقول : لله علي اعتكاف عشرة أيام متتابعات إلا أن يعرض لي كذا وكذا ، فأقطع فهذا نذر صحيح ، وشرط جائز ، فإذا أعرض له ما شرط وخرج لأجله لم يلزمه العود إلى اعتكافه ، وتكون المدة التي اعتكفها هي القدر الذي نذره ، لأن الاعتكاف يتبعض حكمه ويصح في قليل الزمان وكثيره ، فإذا شرط في نذره قطع اعتكافه بحدوث عارض ، فكان نذره إنما انعقد على هذه معلقة ويكون ما بقي من العشر خارجاً عن النذر ، وإن اشترط الخروج من اعتكافه ، فصورته أن يقول : لله علي اعتكاف عشرة أيام متتابعات إلا أن يعرض لي كذا وكذا ، فأخرج فهذا كالأول في صحة نذره وجواز اشتراطه على ما نفصله وإنما يفترقان من وجه ، وهو أنه إذا شرط القطع لم يلزمه العود إليه ، وإذا شرط الخروج لزمه العود إليه لأنه قطع الاعتكاف يوجب رفعه ، والخروج منه لا يوجب رفعه وإنما يقتضي جواز خروجه منه كما يخرج لحاجة نفسه فإن قيل : فهلا جاز مثل هذا الشرط في الصلاة والصيام والحج قيل : هما شرطان :
أحدهما : قطع الاعتكاف .
والثاني : الخروج منه ، فأما شرط القطع فيجوز مثله في الصلاة والصيام وفي جواز مثله في الحج ، قولان وهو أن يقول لله علي صلاة ركعتين أو صيام يوم أو حج البيت إلا أن يعرض لي كذا فأقطع فإن عرض له ذلك الشيء الذي شرطه جاز له قطع صومه ، وصلاته وهل يجوز له قطع حجه والإحلال منه قبل كماله أم لا ؟ على قولين :
أحدهما : يجوز أيضاً .
والثاني : لا يجوز .
والفرق بينه وبين سائر العبادات هو أن الحج يلزم المضي فيه بالفعل ، فإذا سقط موجب النذر بالاستثناء والشرط عاد إلى موجب الفعل ، فلزمه المضي فيه ، وما يسن في