پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج3-ص487

قالوا : ولأن الاعتكاف يلزم بالنذر ، والنذر لا يلزم إلا فيما استقر له أصل في الشرع وليس للاعكتاف أصل في الشرع ، إلا أن ينضم إليه الصوم فدل على وجوبه فيه ، ودليلنا قوله تعالى : ( وَلاَ تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي المَسَاجِدِ ) ( البقرة : 187 ) فكان هذا على ظاهره وعمومه في كل معتكف ، وروى طاوس عن ابن عباس أن النبي ( ص ) قال : ‘ ليس على المعتكف صومٌ إلا أن يوجبه على نفسه ‘ وروى ابن عمر عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال : يا رسول الله إني نذرت اعتكاف ليلة في الجاهلية فقال ( ص ) أوف بنذرك وروى يحيى بن سعيد عن عمرة عن عائشة أن النبي ( ص ) أراد أن يعتكف العشر الأواخر من رمضان فأمر أن يضرب له بناءٌ فخرج فرأى أربعة أبنيةٍ فقال : لمن هذه الأبنية ؟ فقيل : هذا لرسول الله ( ص ) وهذا لعائشة وهذا لحفصة وهذا لزينب فنقض اعتكافه واعتكف العشر الأواخر من شوال فدل على جواز اعتكاف يوم الفطر ، وأنه يجوز بغير صوم ، ولأنها عبادة من شرط صحتها المسجد ، فوجب أن لا يفتقر إلى الصوم كالطواف ، ولأنها عبادة ليس من شرط ابتدائها الصوم ، فوجب أن لا يكون من شرط استدامتها الصوم كالصلاة والحج وعكسه المسجد ، لما كان شرطاً في ابتدائها ، كان شرطاً في استدامتها ولأن كل ما كان عباده على البدن مقصودة في نفسها لم يكن شرطاً في عبادة أخرى كالصلاة فأما الجواب عن حديث عائشة مع حفصة فمعناه لا اعتكاف كاملاً إلا بصوم أو لمن نذر اعتكافاً بصوم ، وأما حديث عمر فليس بصحيح ، وإنما الصحيح ما رويناه أنه نذر اعتكاف ليلة وإنما تفرد بتلك الرواية عبد الله بن يزيد عن عمرو بن دينار وهو ضعيف على أنها لو صحت لحملناها على الاستحباب ، وحملنا روايتنا على الجواز فأما الجواب عن قياسهم على الوقوف بعرفة فنقول بموجبه ، وهو أن القربة التي تنضم إليه هي النية ثم يقلب القياس عليهم بتلك الأوصاف ، فنقول فوجب أن لا يكون من شرط الصوم كالوقوف بعرفة ، وأما اعتكافه في مسجده صائماً ، فلا يدل على أن الصوم من شرطه كما لا يدل على أن موضعه ، ومسجده من شرطه .

وأما قولهم : إن النذر يلزم فيما استقر له أصل في الشرع فباطل بمن نذر الصوم بداره قد لزمه نذره وليس له في الشرع أصل ، ويبطل على أصلهم بالعمرة تلزم بالنذر ، وليس لها عندهم اصل واجب في الشرع .