الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج3-ص484
رمضان وأنزل الزبور على داود في اثني عشر من شهر رمضان وأنزل الإنجيل على عيسى في ثماني عشرة من شهرٍ من شهر رمضان وأنزل القرآن على محمدٍ ( ص ) وعليهم في أربع وعشرين من شهر رمضان قالوا : وإنما نزل في ليلة القدر فدل أنها في أربع وعشرين .
قال الشافعي الذي يشبه أن تكون في إحدى وعشرين أو ثلاث وعشرين لحديث أبي سعيد الخدري أن رسول الله ( ص ) قال رأيت هذه الليلة وخرجت لأعلمكم فتلاحا رجلان فأنسيتها ورأيتني أسجد في صبيحتها في ماءٍ وطينٍ قال أبو سعيد : ورأيت رسول الله ( ص ) على وجهه وأنفه أثر الماء والطين في صبيحة إحدى وعشرين قال أبو سعيد وكان المسجد على عرش ، فوكف فأخذ الشافعي بهذه الرواية لأنها أصح ، وأوضح ( ) وإنما قال : أو ثلاث وعشرين لجواز الاشتباه على أبي سعيد من الواحد إلى الثلاث ، وذلك مأمون فيما زاد ولم يقطع الشافعي بذلك ، بل جوزها في جميع ليالي العشر وبخاصة في كل وتر ، لما روي عن عبادة بن الصامت أن النبي ( ص ) قال : ليلة القدر ليلة إحدى وعشرين وليلة ثلاث وعشرين وليلة خمس وعشرين وليلة سبع وعشرين وليلة تسع وعشرين .
قال بعض الناس : يجوز أن يكون الله تعالى يجعل في كل عام في ليلة من العشر حتى لا يكون زمانها معروفاً ليقع الجد في طلبها ، وترك الاتكال عليها ثقة بأن الله تعالى يجيب الدعاء فيها فيكون الناس على جد وحذر ولعمري إن لهذا القول وجه ، فلو قال رجل لامرأته : أنت طالق في ليلة القدر ، طلعت في أول ليلة تسع وعشرين لأنها اليقين ، ويستحب لمن رأى ليلة القدر أن يكتمها ، ويدعو بإخلاص نية وصحة يقين بما أوجب من دين ودنيا ، ويكون أكثر دعائه لدينه ، وآخرته فقد روي عن عائشة أنها قالت : يا رسول الله ( ص ) إن رأيت ليلة القدر بماذا أدعو ؟ فقال : تسألي الله العافية في الدنيا والآخرة .