الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج3-ص483
أحدهما : جبريل ، كقوله تعالى : ( نَزَلَ بِهِ الرُّوحً الأَمينُ ) ( الشعراء : 193 ) .
والثاني : العلم كقوله تعالى : ( يُنَزِّلُ المَلاَئِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ ) ( النحل : 2 ) فهذه السورة من كتاب الله تعالى تدل على شرفها ، وفضل العمل فيها ومن السنة ما روى الشافعي عن سفيان عن الزهري عن أم سلمة أن رسول الله ( ص ) قال : ‘ من صام رمضان وقام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه ‘ .
فصل
: لا اختلاف بين العلماء أن ليلة القدر في العشر الأواخر من شهر رمضان لما روي عن أبي ذر الغفاري أنه قال : قلت يا رسول الله رفعت ليلة القدر مع الأنبياء أم هي باقية إلى يوم القيامة ؟ قال : هي باقية قلت : هي في رمضان أو في غيره ؟ قال : في رمضان قال قلت هي في العشر الأول أو الأوسط أو الأخير قال هي في الأواخر وروى أبو سعيد الخدري أن رسول الله ( ص ) قال التمسوها في العشر الأواخر والتمسوها في كل وترٍ وروي عن زر بن حبيش قال قلت لأبي بن كعب : إن ابن مسعود يقول : من يقم الحول يراها فقال : رحم الله أبا عبد الرحمن ، قد علم أنها في رمضان ، ولكن أحب أن لا يتكل الناس على عمل رمضان ، ثم اختلفوا في موضعها من العشر فحكي عن أبي بن كعب ، وعبد الله بن عباس أنها في ليلة سبع وعشرين ، أما أبيّ فكان يقسم بالله إنها في ليلة سبع وعشرين فقيل له : وما آية ذلك ؟ قال : ما بينه رسول الله ( ص ) أن الشمس تصبح لا شعاع لها ، وقد راعيت ذلك فوجدته في صبيحة سبع وعشرين ، وأما ابن عباس فإنه استدل بأن اعتبر كلمات السورة فوجدها ثلاثين كلمة بعدد ليالي الشهر ، ثم وجد الإشارة بقوله ( سَلاَمٌ هِيَ ) ( القدر : 5 ) على رأس السابع والعشرين كلمة فعلم أن ليلة القدر في مثلها من الشهر ، وحكي عن آخرين أنها في أوسط العشر وهي ليلة خمس وعشرين ، تعلقاً بما روي عن رسول الله ( ص ) قال : أرى رؤياكم قد تواطأت على أنها في أوسط العشر فالتمسوها فيه وحكى عن آخرين إنها في ليلة أربع وعشرين ، لما روي أن الأعرابي رآها على راحلته في ليلة أربع وعشرين ولرواية واثلة بن الأسقع عن النبي ( ص ) أنه قال : أنزلت صحف إبراهيم في أول ليلةٍ من شهر