پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج3-ص482

الأواخر ‘ فعلقه بالإرادة ، ولأن العبادات الواجبات قد قرر لها الشرع أسباباً راتبة كالصلاة ، أو عارضة كالزكاة ، وليس للاعتكاف سبب راتب ، ولا عارض فعلم أنه غير واجب .

مسألة :

قال الشافعي رضي الله عنه : ‘ أخبرنا مالك عن أبي الهاد عن محمد بن إبراهيم بن الحرث التيمي عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي سعيد الخدري أنه قال كان رسول الله ( ص ) يعتكف في العشر الأوسط من شهر رمضان فلما كانت ليلة إحدى وعشرين وهي الليلة التي يخرج من صبيحتها من اعتكافه قال ( ص ) ‘ من كان اعتكف معي فليعتكف العشر الأواخر ‘ قال ‘ وأريت هذه الليلة ثم أنسيتها ‘ قال ‘ ورأيتني أسجد في صبيحتا في ماءٍ وطينٍ فالتمسوها في العشر الأواخر والتمسوها في كل وترٍ ‘ فمطرت السماء من تلك الليلة وكان المسجد على عريش فوكف المسجد قال أبو سعيد فأبصرت عيناي رسول الله ( ص ) انصرف علينا وعلى جبهته وأنفه أثر الماء والطين في صبيحة إحدى وعشرين ( قال الشافعي ) وحديث النبي ( ص ) يدل على أنها في العشر الأواخر والذي يشبه أن يكون فيه ليلة إحدى أو ثلاث وعشرين ولا أحب ترك طلبها فيها كلها ‘ .

قال الماوردي : وإنما بدأ الشافعي بليلة القدر لشرفها ، وأنها توافق عشر الاعتكاف ، واختلف في تسميتها ليلة القدر على قولين :

أحدهما : لأن الله تعالى يقدر فيها أمور السنة أي يقضيها :

والثاني : لأنها عظيمة القدر جليلة الخطر ، من قولهم رجل له قدر ، والأصل فيها قوله تعالى : ( إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ القَدْرِ ) ( القدر : 1 ) يعني القرآن جملة أنزل في ليلة القدر من اللوح المحفوظ إلى سماء الدنيا ، فكان ينزل نجماً بعد نجم ، وهو معنى قوله تعالى : ( فَلاَ أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ ) ( الواقعة : 75 ) وفي قوله تعالى : ( لَيْلَةُ القَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ ) ( القدر : 3 ) ثلاثة تأويلات :

أحدها : أن ليلة القدر خير من عمر ألف شهر ، وهو قول الربيع .

والثاني : أن ليلة القدر خير من ألف شهر ليس فيها ليلة القدر ، وهو قول قتادة .

والثالث : معناه : أن العمل في ليلة القدر خير من العمل في ألف شهر ليس فيها ليلة القدر . وهو قول مجاهد ، ثم قال : ( تَنَزَّلُ المَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا ) ( القدر : 4 ) وفي الروح تأويلان :