الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج3-ص482
الأواخر ‘ فعلقه بالإرادة ، ولأن العبادات الواجبات قد قرر لها الشرع أسباباً راتبة كالصلاة ، أو عارضة كالزكاة ، وليس للاعتكاف سبب راتب ، ولا عارض فعلم أنه غير واجب .
قال الماوردي : وإنما بدأ الشافعي بليلة القدر لشرفها ، وأنها توافق عشر الاعتكاف ، واختلف في تسميتها ليلة القدر على قولين :
أحدهما : لأن الله تعالى يقدر فيها أمور السنة أي يقضيها :
والثاني : لأنها عظيمة القدر جليلة الخطر ، من قولهم رجل له قدر ، والأصل فيها قوله تعالى : ( إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ القَدْرِ ) ( القدر : 1 ) يعني القرآن جملة أنزل في ليلة القدر من اللوح المحفوظ إلى سماء الدنيا ، فكان ينزل نجماً بعد نجم ، وهو معنى قوله تعالى : ( فَلاَ أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ ) ( الواقعة : 75 ) وفي قوله تعالى : ( لَيْلَةُ القَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ ) ( القدر : 3 ) ثلاثة تأويلات :
أحدها : أن ليلة القدر خير من عمر ألف شهر ، وهو قول الربيع .
والثاني : أن ليلة القدر خير من ألف شهر ليس فيها ليلة القدر ، وهو قول قتادة .
والثالث : معناه : أن العمل في ليلة القدر خير من العمل في ألف شهر ليس فيها ليلة القدر . وهو قول مجاهد ، ثم قال : ( تَنَزَّلُ المَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا ) ( القدر : 4 ) وفي الروح تأويلان :