پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج3-ص465

أحدها : أنه في قوله : إني صائم إني صائم شفاء لغيظه وسكوناً لنفسه ، فيمتنع عن جواب خصمه .

والثالث : ليعلم خصمه صيامه ، فيكف عن شتمه وأذاه ، فلو خالف هذا فكذب أو اغتاب أو نم أو شتم كان آثماً مسيئاً وهو على صومه ، وبه قال جميع الفقهاء إلا الأوزاعي فإنه قال : قد أفطر ، ولزمه القضاء تعلقاً بقوله ( ص ) : ‘ خمس يفطرن الغيبة والنميمة والكذب والنظر بالشهوة واليمين الكاذبة ‘ وهذا الخبر ورد علىطريق الزجر والتغليظ ، وسقوط الثواب كقوله تعالى : ( وَلاَ يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أنْ يَأْكُلْ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً ) ( الحجرات : 12 ) والإنسان لا يأكل لحم أخيه ميتاً بالغيبة وإنما أثم كإثمه لو أكل ، وكما قال رسول الله ( ص ) : ‘ من تكلم والإمام يخطب فلا جمعة له ‘ تشديد في سقوط الثواب وإنما حملناه على هذا ، لأن دليل الإجماع يدفعه ، ولأن كل شيء كان المباح منه لا يفطر ، فإن المحظور منه لا يفطر ، أصله القبلة وعكسه الأكل والجماع .

مسألة :

قال الشافعي رضي الله عنه : ‘ والشيخ الكبير الذي لا يستطيع الصوم ويقدر على الكفارة يتصدق عن كل يومٍ بمد من حنطة وروي عن ابن عباس في قوله جل وعز ( وَعَلَى الّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ ) قال المرأة الهم والشيخ الكبير يفطران ويطعمان لكل يومٍ مسكيناً ( قال الشافعي ) وغيره من المفسرين يقرءونها ‘ يطيقونه ‘ وكذلك نقرؤها ونزعم أنها نزلت حيت نزل فرض الصوم ثم نسخ ذلك قال وآخر الآية يدل على هذا المعنى لأن الله عز وجل قال ( فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطوَّعَ خَيْراً ) فزاد على مسكين ( فَهُوَ خَيْراً لَهُ ) ثم قال : ( وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ ) قال فلا يأمر بالصيام من لا يطيقه ثم بين فقال ( فَمَن شَهِدَ مِنكُمْ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ) وإلى هذا نذهب وهو أشبه بظاهر القرآن ( قال المزني ) هذا بين في التنزيل مستغنىً فيه عن التأويل ‘ .

قال الماوردي : أما الشيخ الهرم والشيخة الهرمة إذا عجزا عن الصوم لعارض يرجى زواله فهما كالمريض لهما أن يفطر أو يقضيا إذا أطاقا ، ولا كفارة عليهما فأما إذا عجزا عن الصيام لضعف الكبر ، وما لا يرجى زواله ، أو كانا يلحقا في الصوم مشقة عظيمة ، فلهما أن يفطرا وعليهما أن يطعما عن كل يوم مداً إن أمكنهما وبه قال الأوزاعي والثوري وأبو حنيفة وصاحباه إلا أن أبا حنيفة قال : يطعمان عن كل يوم من البر مدين ، ومن التمر والشعير صاعاً بناء على أصله في الكفارة .