الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج3-ص462
قال الماوردي : قد ذكرنا أن صوم شهر رمضان واجب على كل مسلم بالغ عاقل من رجل وامرأة وحر وعبد ، فأما الصبي والمجنون ، فلا صوم عليهما لارتفاع القلم عنهما وزوال التكليف الذي يسقط أعمال الأبدان ، ويستحب لولي الصبي إذا عقل وميز مثله أن يأخذه بالصيام ليعتاده ، ويألفه فإذا صام صح صومه وقال أبو حنيفة : لا يصح منه صوم ولا صلاة ولا حج وقد دللنا على صحة صلاته في كتاب الصلاة وندل على صحة حجه في كتاب الحج ، والدليل على صحة صومه ما روي أن رسول الله ( ص ) أمر أهل العوالي بصيام يوم عاشوراء قالوا : فصمنا وصومنا الصبيان واتخذنا لهم اللعب من العهن ليلعبوا بها ويشتغلوا عن الأكل بلعبهم .
قال الماوردي : أما الكافر ، إذا أسلم في أيام من شهر رمضان ، فعليه صيام ما بقي لقوله تعالى : ( فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ) ( البقرة : 189 ) ولا قضاء عليه فيما مضى على قول جميع الفقهاء إلا الحسن وعطاء ، فإنهما قالا عليه القضاء فيما مضى ، والدلالة عليهما قوله تعالى : ( قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ ) ( الأنفال : 38 ) وروي عن النبي ( ص ) أنه قال : ‘ الإسلام يجب ما قبله ‘ .
فإذا تقرر أنه يستأنف صيام ما بقي ، ولا قضاء عليه فيما مضى لم تخل حاله من أحد أمرين ، إما أن يكون إسلامه ليلاً أو نهاراً ، فإن أسلم ليلاً استأنف الصيام من الغد ، وإن أسلم نهاراً فهل عليه قضاء يومه الذي أسلم فيه أم لا ؟ على جهين :
أحدهما : وهو مذهب الشافعي ، وقد نص عليه في حرملة والبويطي ليس عليه قضاء ، لأنه لا يقدر على صيام هذا اليوم مع إسلامه في بعضه فصار كمن أسلم ليلاً .
والوجه الثاني : عليه قضاء يوم مكانه لأن إسلامه في بعض النهار ، يوجب عليه صيام ما بقي ، ولا يمكنه إفراد ذلك بالصوم لا بقضاء يوم كامل كما نقول هو في جزاء الصيد هو فيه مخير بين المثل من النعم ، وبين الإطعام وبين أن يصوم عن كل مد يوماً ، فلو كان في الأمداد كسر لزمه أن يصوم مكانه يوماً كاملاً .