الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج3-ص461
فصل
: وأما اغتسال الصائم ، ونزوله الماء فجائز ، وغير مكروه لما روي عن عائشة وأم سلمة أن رسول الله ( ص ) كان يصبح جنباً فيغتسل ويتم صومه وروي عن ابن عمر وابن عباس أنهما كانا يتماقلان في الماء ، وكانا صائمين ، وليس لهما في الصحابة مخالف .
فصل
: فأما الحجامة ، فلا تفطر الصايم ، ولا تكره له وهو قول أكثر الصحابة والفقهاء ، وحكي عن علي بن أبي طالب وعائشة وأبي هريرة رضي الله عنهم ، ومن التابعين الحسن وعطاء ومن الفقهاء الأوزاعي ، وأحمد وإسحاق أن الحجامة تفطر الصائم تعلقاً بما روي أن رسول الله ( ص ) مر يوم الثامن عشر من رمضان برجلٍ يحتجم فقال ( ص ) أفطر الحاجم والمحجوم رواه ثوبان وأبو هريرة وأنس بن مالك وشداد بن أوس ورافع بن خديج ، ولأنه دم يخرج من البدن معتاد ، فجاز أن يفطر به كدم الحيض ودليلنا رواية ابن عباس أن رسول الله ( ص ) احتجم في حجة الوداع وهو محرم صائم ولرواية أبي سعيد الخدري أن رسول الله ( ص ) أرخص في الحجامة للصائم ولرواية أبي هريرة أن رسول الله ( ص ) قال : ثلاث لا يفطرن الصائم القيء والحجامة والاحتلام ولرواية أنس بن مالك أن رسول الله ( ص ) مر بجعفر بن أبي طالب ، وهو يحتجم فقال أفطر الحاجم والمحجوم ثم رخص بعده في الحجامة فكان أنس يحتجم وهو صايم ، ولأن كل موضع لا يفطر بالواصل إليه ، لا يفطر بالخارج منه أصله الفصاد ، وعكسه القيء ، وأما خبرهم ففيه وجهان :
أحدهما : أنه منسوخ يدل عليه حديث أنس وأبي سعيد لأن هذا الخبر ورد عام الفتح سنة ثمان وخبرنا في حجة الوداع ستة عشر ، والمتأخر أولى .
والجواب الثاني : أن قوله ( ص ) ‘ أفطر الحاجم والمحجوم ‘ يعني بغير الحجامة كأنه علم تقوم فطرهما ، أو رآهما يغتابان فقال : أفطرا بمعنى أنه سقط ثوابهما ، أو علم بهما ضعفاً علم أنهما يفطران معه ، وإنما تأولناه بهذا لأنه ضم الحاجم إليه .
وأما قياسهم فمنتقض بالفصاد ، ثم المعنى في الحيض أن الواصل إلى مكانه يقع به الفطر .
مسألة :
قال الشافعي رضي الله عنه : ‘ وأكره العلك لأنه يجلب الريق ‘ .
قال الماوردي : وهذا صحيح وإنما كرهناه ، لأمور منها أنه يجمع الريق ، ويدعو إلى القيء ويورث العطش ، ولا يأمن أن يبتلعه فإن مضغه ، ولم يصل منه شيء إلى جوفه فهو على صومه .