الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج3-ص460
أحدهما : أن لا إعادة عليه لأنها عبادة تجب بإفسادها الكفارة ، فوجب إذا أداها قبل الوقت أن يجزئه كالحاج إذا أخطأ الوقت بعرفة ، فوقفوا يوم التروية .
والقول الثاني : وهو الصحيح عليه الإعادة لأنه تعين له يقين الخطأ فيما يأمن مثله في القضاء ، فوجب أن يلزمه القضاء أصله إذا اجتهد في الإناءين ، ثم بان نجاسة ما استعمله ، ولأنها عبادة على البدن يقدر على أدائها بيقين ، فوجب إذا بان له الأداء قبل الوقت ، أن تلزمه الإعادة كالصلاة قال فأما الحاج فيستحيل وقوفهم بعرفة يوم التروية ، فلم يصح قياس الصوم عليه فلو بان له صيام نصف شعبان ونصف رمضان فما صادف من رمضان يجزيه ، وفيما صادف من شعبان قولان :
والقسم الرابع : أن لا يبين له زمان صيامه هل وافق رمضان أو ما قبله أو ما بعده فهذا يجزيه صومه ولا إعادة ، لأن الظاهر من الاجتهاد صحة الأداء ، ما لم يعلم يقين الخطأ ، والله أعلم .
قال الماوردي : أما اكتحال الصائم فغير مكروه ، وإن وجد طعمه في حلقه لم يفطر .
وقال مالك وأحمد ، وإسحاق ، يكره للصائم أن يكتحل ولا يفطر ، وقال ابن أبي ليلى وابن سيرين إن اكتحل الصائم أفطر ، والدلالة على جميعهم ما روي عن أبي رافع أن رسول الله ( ص ) نزل خيبر ودعا بكحلٍ إثمدٍ ، فاكتحل في رمضان وهو صائم .
وروي عن ابن عمر أنه سئل عن الكحل للصائم فقال الإثم غبار فما يضر الصائم إذا نزل الغبار وليس في الصحابة له مخالف ولأن الفطر يحصل بما وصل إلى الجوف من منفذ ، فأما ما وصل إليه من غير منفذ ، فلا يحصل به الفطر كما يصل برد الماء إلى الكبد ، وباطن الجسد ، ثم لا يفطر به لأنه واصل من غير منفذ .