ولرواية الزهري عن أبي عبيد مولى أزهر قال : شهدت العيد مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه فصلى وخطب وقال : إن رسول الله ( ص ) نهى عن صوم هذين اليومين يوم فطركم عن صيامكم ويوم تأكلون فيه لحم نسككم ثم شهدت مع عثمان رضي الله عنه فصلى وخطب ثم شهدت مع علي وعثمان محفور فصلى ، ثم خطب فدل ذلك على أن تحريم صومهما بإجماع ، فلو صامهما أحد ، كان عاصياً لله تعالى بل لا يصح صومهما كالليل فلو نذر صومهما ، كان نذره باطلاً ، ولا قضاء عليه ، وقال أبو حنيفة : نذره صحيح وعليه القضاء فإن صامهما جاز ، ويسقط عنه النذر ، وهذا خطأ لقوله ( ص ) ‘ لا نذر في معصية ‘ ولأن كل زمان لا يصح فيه صوم التطوع لا ينعقد فيه النذر كالليل وأيام الحيض .
فصل
: فأما أيام التشريق ، وهي أيام منى الثلاثة ، فلقد كان الشافعي يذهب في القديم إلى أن للمتمتع أن يصومها عن تمتعه وبه قال مالك ، لقوله تعالى : ( فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الهَدْى فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ ثَلاَثَةِ أيَّامٍ في الحَجِّ ) ( البقرة : 196 ) ولا خلاف بين أهل العلم أن هذه الآية نزلت في يوم التروية ، وهو الثامن من ذي الحجة فعلم أنه أراد بها أيام التشريق ، ولرواية سالم عن أبيه عن عبد الله بن عمر أن رسول الله ( ص ) أرخص للمتمتع إذا لم يجد هدياً ولم يصم في العشر أن يصوم أيام التشريق ثم رجع عن هذا في الجديد ، ومنع من صيامها للمتمتع وغيره ، وبه قال أبو حنيفة لرواية عمرو بن سليم عن أمه أنها قالت كنا بمنى إذ أتى علي بن أبي طالب عليه السلام راكباً ينادي ألا إن رسول الله ( ص ) قال : ‘ هذه أيام طعم وشرب ، فلا يصومها أحد ‘ ولرواية أبي هريرة أن رسول الله ( ص ) نهى عن صيام ستة أيامٍ يوم الفطر والأضحى ويوم الشك وأيام التشريق ولأن كل زمان لم يجز صومه تطوعاً لم يجز صومه تمتعا كيوم الفطر ، والأضحى فإذا قيل : ليس للمتمتع أن يصومها فليس لغيره من الناس أن يصومها بحال لا نذراً ولا تطوعاً ، ولا كفارة ، ولا قضاء وإذا قيل : بجواز صيامها للمتمتع فإن أراد غير المتمتع صيامها فله حالان :
أحدهما : أن يصومها تطوعاً من غير سبب تقدم فليس له ذلك لا يختلف .
والثاني : أن يصومها واجباً عن سبب متقدم كالنذور والكفارات وقضاء رمضان ففي جوازه وجهان :