الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج3-ص451
تقضى نظر فإن تعذر عليه اجتماع الناس في بقية يومهم ، لتفرقهم وسعة بلدهم أمرهم أن يجتمعوا من الغد ، فإذا اجتمعوا صلى بهم صلاة العيد في وقتها من الغد من جماعة ، لأن المقصود منها تكامل الجماعة ، وإظهار الزينة ، وأن يحثهم على الصدقة وفعل الخير وينهاهم عن المأثم ، فلذلك لم يصل قبل اجتماعهم وإن كانوا مجتمعين في يومهم ففيه وجهان :
أحدهما : وهو قول أبي إسحاق المروزي : أنه يصلي بهم في بقية يومهم لأنه أقرب إلى وقتها من الغد .
والوجه الثاني : وهو مذهب الشافعي يؤخرها إلى الغد ليصليها في مثل وقتها ولا يصليها في بقية اليوم لرواية أنس بن مالك أن رسول الله ( ص ) قضاها من الغد فأما إن بانت عدالة الشاهدين بعد غروب الشمس ، فإنهم يصلون العيد من الغد قولاً واحداً لا يختلف لقوله ( ص ) : ‘ فطركم يوم تفطرون ‘ فأما المزني فإنه اختار أن لا يقضي ، واعترض بسؤالين :
أحدهما : أن قال لو جاز أن يقضي من الغد لجاز في يومه ، لأنه من الوقت أقرب قلنا فقد أجاز بعض أصحابنا القضاء في بقية اليوم ، فسقط هذا الاعتراض على أنا إنما نأمر بالقضاء بها من الغد ، لأنها صلاة ضحى جعل سببها أول النهار ، فاحتاجت في القضاء إلى الأداء .
والقول الثاني : أن قال : لو جازت في ضحى الغد لجازت بعد شهر قلنا : إنما جوزنا لحدوث الإشكال في رؤية الهلال وهذا غير موجود فيما بعد .
قال الماوردي : وهذا كما قال إذا أفطر أياماً من شهر رمضان لعذر أو غيره ، فالأولى به أن يبادر بالقضاء وذلك موسع له ما لم يدخل رمضان ثان ، فإن دخل عليه شهر رمضان ثان صامه عن الفرض ، لا عن القضاء فإذا أكمل صومه قضى ما عليه ثم ينظر في حاله ، فإن كان أخر القضاء لعذر دام به من مرض ، أو سفر فلا كفارة عليه ، وإن أخره غير معذور فعليه مع القضاء الكفارة عن كل يوم بمد من طعام ، وهو إجماع الصحابة ، وبه قال مالك وأحمد وإسحاق والأوزاعي والثوري وقال أبو حنيفة : لا كفارة عليه لقوله تعالى : ( فَعِدَّةٌ مِنْ أيّامٍ أُخَر ) ( البقرة : 185 ) وفي إيجاب الفدية زيادة في النص ، وذلك نسخ قال : ولأنه صوم واجب فوجب أن لا يلزم بتأخيره الكفارة ، كالنذر وصوم المتمتع ، ولأنها عبادة واجبة ، فوجب أن لا يلزم بتأخيرها كفارة كالصلاة ، ودليلنا قوله تعالى : ( وَعلَى الّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةً )