الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج3-ص445
قال الماوردي : وهذا كما قال كل مسافة جاز أن تقصر فيها الصلاة جاز أن يفطر فيها في شهر رمضان ، لأن الفطر رخصة كالقصر ، واختلفوا في قدر المسافة فعندنا أنها مسافة يوم وليلة بسير النقل ، ودبيب الأقدام وقدر ذلك ستة وأربعون ميلاً بالهاشمي ، أو ثمانية وأربعون ميلاً بالمرواني ، وهو ستة عشر فرسخاً وهو أربعة برد وحكينا خلاف أبي حنيفة في كتاب الصلاة ، ودللنا عليه بما أغنى عن إعادته ، فمن ذلك ما روي عن ابن عباس أن رسول الله ( ص ) قال : ‘ لا تفطروا يا أهل مكة في أقل من أربعة بردٍ ‘ وذلك من مكة إلى عسفان وإلى الطايف ، فإذا سافر قدر المسافة المذكورة جاز لهما الفطر إن شاء بالأكل أو بالجماع فلا كفارة عليه ، لأن الفطر المباح يستوي فيه حال الأكل والجماع والفطر في السفر مباح وحكي عن طائفة من أهل الظاهر وبه قال قوم من الصحابة أن الفطر في السفر واجب تعلقاً بقوله تعالى : ( فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرٍ ) ( البقرة : 185 ) فأمره بالقضاء على الأحوال كلها وروي عن النبي ( ص ) أنه قال : ‘ ليس من البر الصيام في السفر ‘ وبقوله ( ص ) ‘ الصائم في السفر كالمفطر في الحضر ‘ والدلالة على أن الفطر رخصة وإباحة رواية عائشة رضي الله عنها أن رسول الله ( ص ) قال لحمزة بن عمرو الأسلمي ‘ إن شئت فصم وإن شئت فأفطر ‘ وروي عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت كل ذلك فعل رسول الله ( ص ) أتم وقضى وصام وأفطر وروي عن أبي سعيد الخدري وأنس بن مالك أنهما قالا : سافرنا مع رسول الله ( ص ) منا الصائم ومنا المفطر لا يعيب الصائم على المفطر ولا المفطر على الصائم ‘ فأما قوله تعالى : ( فَعِدَّةٌ مِنْ أيّامٍ أُخَرٍ ) ( البقرة : 184 ) ففي الآية الإضمار وهو الفطر الذي يجب فيه القضاء وأما قوله : ‘ ليس من البر الصيام في