پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج3-ص442

والثالث : أن صومه يبطل بالإغماء كالحيض والجنون .

والوجه الثاني : أن المسألة على قولين :

أحدهما : متى أفاق في بعض النهار صح صومه .

والثاني : لا يصح صومه حتى يكون مفيقاً في أول النهار ، وما قاله في اختلاف العراقيين ، إذا حاضت أو أغمي عليها بطل صومها ففيه جوابان :

أحدهما : أن جوابه عاد إلى الحيض دون الإغماء وقد يجمع الشافعي بين مسائل ، ثم يعيد الجواب إلى بعضها .

والثاني : أنه أراد إغماء الجنون لا إغماء المرض .

والوجه الثالث : أن المسألة على قول واحد أن صومه لا يصح حتى يكون مفيقاً في أول النهار ، هذا اختيار أبي العباس وحمل إطلاق بعض النهار على ما قيده في كتاب الظهار ، قال أبو العباس فإذا أفاق في أول النهار فمن صحة صومه أن يكون مفيقاً في آخره ، فاعتبر الإفاقة في الطرفين عند الدخول في الصوم ، وعند الخروج منه فكان أبو إسحاق المروزي ، يغلط فيخرج هذا قولاً رابعاً للشافعي وليس يعرف للشافعي ما يدل عليه وهذه أحد مسائل أبي إسحاق التي غلط فيها على الشافعي فهذا الكلام في اليوم الأول ، وسنذكر توجيه كل قول في كتاب الظهار إن شاء الله ، فأما اليوم الثاني ، وما يليه في أيام الإغماء فصومه فيه باطل لا يختلف ، وعليه قضاء ذلك لإخلاله بالنية ، فإن قيل : فهلا أسقطتم عنه قضاء الصيام كما أسقطتم عنه قضاء الصلاة ، قيل : لأن الصلاة يلزم استدامة قصد العمل فيها فإذا خرج أن يكون من أهل القصد سقط عنه القضاء والصوم لا يلزمه استدامة قصد العمل فيه ، ويصح منه وإن أخل بالقصد في بعضه ، فلذلك لزمه القضاء ، ولم يسقط منه زوال القصد ، وهذا الفرق تعليل من أصحابنا والذي يوجبه القياس ، أن يستوي الجنون والإغماء في سقوط الصوم كما استويا في سقوط الصلاة ، ويستوي حكم الصيام والصلاة في سقوط القضاء ، كما استويا في الجنون فأما الجنون إذا طرأ على الصوم ، فقد أفسده سواء وجد في جميع النهار ، أو في بعضه ، ولا قضاء عليه لارتفاع القلم عنه فإن قيل : فهلا لزم فيه القضاء كالإغماء قيل : لأن الإغماء مرض في القلب ، وعارض لا يدوم ، وإنما هو كالنوم يجوز حدوث مثله للأنبياء ، والجنون يزيل العقل ، ويسقط حكم التكليف ولا يجوز حدوث مثله للأنبياء فلهذا افترقا في حكم القضاء وما ذكرنا من مقتضى القياس في التسوية بينهما يدفع هذا الفرق المدخول فيه فأما الردة إذا طرأت في شيء من نهار الصوم فقد أبطلته ،