الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج3-ص440
عمر وابن عباس وحكي عن ابن مسعود أنها غير مكروهة في الحالين ، وحكي عن مالك أنه كرهها في الحالين وبه قال عمر تعلقاً ، بما روى ابن عمر عن أبيه عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال رأيت رسول الله ( ص ) في المنام ، فأعرض عني ، فقلت : ما لي فقال إنك تقبل وأنت صائم قال : ولأن كل شيء منع من الجماع منع من دواعيه كالحج والدلالة على صحة ما قلناه مع ما رويناه من الأخبار المتقدمة ما رواه أبو هريرة أن رجلاً أتى النبي ( ص ) فسأله عن القبلة للصائم فرخص له فيها ثم سأله رجل آخر فنهاه عنها ، فإذا الذي رخص له فيها شيخ والذي نهاه عنها شاب ولأن القبلة إنما تكره خوف الإنزال ، فإذا لم تتحرك عليه الشهوة أمن الإنزال فلم تكره له ، وإذا تحركت عليه الشهوة ، خاف الإنزال فكرهت له فأما حديث عمر ، فالجواب عنه من وجهين :
أحدهما : أنا قد روينا عنه لفظاً أن رسول الله ( ص ) أباح قبلة الصائم ، ولا يجوز ترك ما نقله عن رسول الله ( ص ) لفظاً في اليقظة ، بما رواه في المنام .
والثاني : أن في استعماله نسخاً للخبر الآخر والنسخ بعد وفاة رسول الله ( ص ) ، لا يقع واعتبارهم بالحج فلا يصح لأنه أدخل في المنع من دواعي الجماع من الصوم ، لأنه يمنع من العقد والطيب فجاز أن يمنع من القبلة ، وليس كذلك الصوم .
قال الماوردي : وهذا كما قال وقد ذكرنا أن أنزل أحد عن مباشرة بلا إيلاج ففيه القضاء دون الكفارة مثل أن يمس ، أو يلمس أو يقبل أو يضاجع أو يطأ دون الفرج ، وقال مالك : عليه القضاء والكفارة وقد دللنا له وعليه ، فأغنى عن الإعادة ثم يؤيد ما ذكرناه إنا وجدنا كل عبادة حرم فيها الوطء ، أو غيره فللوطئ فيه مزية على غيره من المحرمات كالحج فكذلك الصوم .
قال الماوردي : أما إن فكر بقلبه فأنزل ، فلا قضاء عليه ولا كفارة إجماعاً لأن الفكر من حديث النفس ، ورسول الله ( ص ) يقول : ‘ إن الله تعالى تجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان وما حدثت به أنفسها ‘ فأما إذا نظر فأنزل فإن كان بأول نظرة لم يأثم ، وإن كرر النظر وتلذذ به فقد أثم ، ولا قضاء عليه في الحالين ، وقال مالك : إن أنزل بأول نظرة فعليه القضاء دون