الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج3-ص433
بدئ فيها بالإطعام ثم وجدنا كفارة الجماع بدئ فيها بالأغلظ ، وهو العتق فوجب أن يكون الترتيب فيها مستحقاً ، فأما ما رواه مالك فقد رويناه على الترتيب ، والقصة واحدة ، وروايتنا أولى لكثرة الرواة ، ونقل لفظ النبي ( ص ) ، وتفسير ألفاظه التي لا يدخلها احتمال .
وقال أبو حنيفة : إن أخرج شعيراً أو تمراً فعليه لكل مسكين صاع ، وإن أخرج براً فنصف صاع ، والدلالة عليه قوله ( ص ) ‘ أطعم ستين مسكيناً فقال لا أجد فدعا بفرق فيه خمسة عشر صاعاً تمراً وقال أطعمه ستين مسكيناً ) والصاع أربعة أمداد ، فدل على أن الواجب لكل مسلكين مد ، فإن عدم الإطعام ، ولم يجد إلى التكفير سبيلاً ففيه قولان :
أحدهما : قد سقطت عنه الكفارة ، وبرئت ذمته منها فإن قدر عليها فيما بعد يلزمه إخراجها ، لأن رسول الله ( ص ) أذن للأعرابي في أكل التمر حين أخبره بحاجته ، ولم يأمره بإخراجها إذا قدر عليها مع جهله بالحكم فيها ، وقياساً على زكاة الفطر إذا عدمها وقت الوجوب ، ثم وجدها فيما بعد لتعلقها بطهرة الصوم .
والقول الثاني : وهو الصحيح أن الكفارة لازمة له ، وإخراجها واجب عليه ، إذا أمكنه لأن الأعرابي لما أخبر رسول الله ( ص ) بعجزه عن أجناس الكفارة ، لم يبين له سقوطها عنه بل أمر له بما يكفر به من التمر ، فدل على ثبوتها في ذمته ، وإن عجز عنها وقياساً على جزاء الصيد يلزمه ، وإن أعسر به .
قال الماوردي : إما أن وجد الرقبة بعد كمال الصوم ، فليس عليه عتقها والصوم يجزيه