پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج3-ص422

والثاني : الاشتراك بين الفرض ، والنافلة وكذلك لو قال : أنا غداً صائم إن كان من رمضان ، فإن لم يكن من رمضان فأنا مفطر فبان من رمضان لم يجزه لأنه جعل نيته مشتركة بين صومه وفطره ، وكذلك لو قال : أنا غداً صائم إن كان من رمضان ، فبان من رمضان لم يجزه ، وإن لم يكن من رمضان فأنا مفطر ، فبان من رمضان لم يجزه .

فصل

: فأما إذا أمسى الناس ليلة ثلاثين من رمضان على شك من دخول شوال ، فقال رجل : أنا غداً صائم إن كان من رمضان وإن لم يكن من رمضان ، فأنا مفطر إنه من رمضان أجزأه وكذلك لو قال : أنا غداً صائم ، فإن كان من رمضان ، فهو فرض وإن كان من شوال ، فهو تطوع ، فبان أنه من رمضان أجزأه لا فرق بينهما ، لأنه إن بان من شوال فهو مفطر ، وإن نوى الصوم ، وإنما أجزأه عن فرضه في هاتين المسألتين ، ولم يجزه فيما تقدم لأن حكم رمضان ثابت له ، ما لم يتيقن زواله بحدوث ما سواه فصار أصلاً يستند إليه ، ومثال هذا من الزكاة أن يخرج خمسة دراهم فيقول : هذا زكاة مالي الغائب إن كان سالماً ، وإن لم يكن سالماً فنافلة فبان سالماً أجزأه لأن الأصل بقاء ماله ما لم يعلم تلفه ، فلو قال : أنا غداً صائم إن كان من رمضان أو مفطر ، فبان أنه من رمضان لم يجزه ، لأنه جعل نيته مشتركة بين صومه ، وفطره وكذلك لو قال : أنا غداً صائم فإن بان من رمضان ، فهو فرض أو نافلة لم يجزه ، ومثاله من الزكاة أن يقول : هذا زكاة مالي الغائب ، إن كان سالماً ، أو نافلة لا يجزئه ، وإن كان سالماً لأنه لم يقصد بالنية قصد فرض خالص ، وإنما جعلها مشتركة بين فرض ونافلة ، والله أعلم .

مسألة :

قال الشافعي رضي الله عنه : ‘ ولو عقد رجل على أن غداً عنده من رمضان في يوم شك ثم بان له أنه من رمضان أجزأه ‘ .

قال الماوردي : وهذا كما قال : إذا صح عنده أن غداً من رمضان ، لأنه رآه وحده ، والقاضي لا يسمع قوله ، والقاضي أخبره بما يثق به من أهله ، وعبيده فنوى صيام الغد ، والناس على شك ثم بان لهم أنه من رمضان فقد أجزأه صومه ، ولا إعادة عليه ، لأنه دخل في الصوم عن دلالة ، واستفتح العبادة بغلبة الظن لا بالشبهة ، ألا تراه لو سمع أذان الظهر ، فاستفتح الصلاة بغلبة الظن أجزأه ، وإن لم يعلم يقين دخول الوقت أجزأه ، ولو استفتحها عن شبهة وشك لم يجزه ، وإن صادف الوقت فكذا الصيام مثله في الموضعين فأما إذا علم أن غداً من رمضان بحساب النجوم ، ومنازل القمر فنوى الصوم ، ثم بان للناس أنه من رمضان ففيه لأصحابنا وجهان :

أحدهما : يجزيه صومه ولا إعادة عليه لأنه استند إلى دلالة وقع له العلم بها .