الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج3-ص420
رسول الله ( ص ) قال : ‘ من استقاء عامداً فعليه القضاء ومن ذرعه القيء فلا قضاء ‘ وروى نافع عن ابن عمر أن رسول الله ( ص ) قال : ‘ من استقاء عامداً أفطر ومن ذرعه القيء لم يفطر ‘ وروى معدان بن طلحة عن أبي الدرداء أن رسول الله ( ص ) قاء فأفطر فإن قيل إنما يكون الفطر بما يدخل الجوف لا بما يخرج منه قلنا : قد يكون الفطر بالأمرين معاً ألا ترى ، أن من قبل أو لمس فأنزل أفطر ، وإن كان المني خارجاً منه ، على أنه لا بد من عود بعض القيء إلى جوفه ، وأما قوله ‘ ثلاث لا يفطرن الصائم ‘ فمحمول عليه إذا ذرعه القيء بدليل ما ذكرناه فأما خبرنا ، ففيه دلائل :
أحدها : منها أن الأكل عامداً يلزمه القضاء ولا كفارة ؛ لأنه كالمتقيء عامداً .
ومنها أن الأكل ناسياً لا قضاء عليه ، ولا كفارة .
ومنها أن المكره على الإفطار لا قضاء عليه لأنها في معنى من غلبه القيء .
قال الماوردي : وقال أبو حنيفة يفطر استدلالاً بأنه أكل لدفع الضرر عن نفسه ، فوجب أن يفطر به كالمريض ، ودليلنا ما روي عن ابن عباس أن النبي ( ص ) قال : ‘ إن الله تعالى تجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه ‘ ولأن محظورات الصيام طرأت بغير فعله لم يفطر بها كغبار الدقيق ، ولأن الأكل ناسياً أحسن حالاً من المكره ، ولا يفطر به فكان المكره أولى أن لا يفطر ، فأما قياسه على المريض فهو أكل لأجل المرض مختاراً ، فخالف المكره الذي أوجر الطعام في حلقه ، فإن دفع إليه الطعام ، فأكره بالتخويف حتى أكله ففي فطره به قولان أحدهما : يفطر به كالمريض .
والثاني : لا يفطر به لارتفاع الاختيار وثبوت الإكراه .