پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج3-ص416

وحكي عن داود بن علي وبه قال الحسن وعطاء أنه لا قضاء عليه تعلقاً بقوله ( ص ) ‘ رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه ‘ وبما روي عن عمر رضي الله عنه أنه أتى بسويق ، وهو صائم فأكل ، وعنده أن الليل قد وجب وأكل الناس معه ثم طلعت الشمس ، فقال : والله ما نقضي ما جانفنا إثماً . والدلالة على وجوب الإعادة ما روت أم سلمة قالت : جاء قومٌ إلى رسول الله ( ص ) فقالوا : إنا ظننا أن الليل قد دخل فأكلنا ثم علمنا أنه كان نهاراً فأمرهم النبي ( ص ) بإعادة يومٍ مكانه . وروي أن الناس أفطروا على عهد عمر رضي الله عنه ثم بان لهم ظهور الشمس ، فقال عمر رضي الله عنه الخطب يسير نقضي يوماً مكانه وهذا صحيح قال الشافعي : يعني : أن فيه قضاء يوم لأنه مما لا يشق ، ولأن الاشتباه لا يسقط حكم الوقت كما إذا اشتبه عليه زوال الشمس فصلى ، ثم بان له الخطأ لزمه الإعادة فكذلك في الصيام .

والحالة الثانية : أن يتبين له أنه أكل بعد غروب الشمس ودخول الليل ، فلا قضاء عليه فإن قيل فما الفرق بين هذا وبين من صلى شاكاً في دخول الوقت ، ثم بان له أنه كان قد دخل في وجوب الإعادة على المصلي ، وسقوطها عن الصائم قلنا : إن الفرق بينهما هو أن الصائم يكون مفطراً بدخول الليل ، وإن لم يأكل ولا يكون بدخول الوقت مصلياً حتى يفعل الصلاة .

والحالة الثالثة : أن يبقى على جملة الاشتباه ، ولا يتبين له اليقين فهذا يلزمه الإعادة لأن الأصل بقاء النهار ، فلا ينتقل عن حكمه إلا بيقين خروجه .

فصل

: فأما إذا اشتبه عليه طلوع الفجر فأكل فإن كان على شك ، واشتباه فله ثلاثة أحوال أيضاً :

أحدها : أن يتبين له فيما بعد أن الفجر كان طالعاً حين أكل فعليه القضاء ؛ لأن الاشتباه لا يسقط حكم الوقت مع امكان التحرز منه ، وقال أبو إسحاق لا قضاء عليه بخلاف من اشتبه عليه وقت الغروب ، لأنه يرجع إلى أصل الإباحة في الأكل .

والحالة الثانية : أن يتبين له بقاء الليل في الوقت الذي أكل فلا قضاء عليه ، لمصادفته زمان الإباحة .

والحالة الثالثة : أن يبقى على حال الاشتباه فلا يبين له بقاء الليل ، ولا طلوع الفجر فلا إعادة عليه ، لأن الأصل بقاء الليل ، وإباحة الأكل ما لم يتيقن طلوع الفجر .