الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج3-ص406
وروي ‘ إني إذاً صائمٌ ‘ .
والدلالة في هذا الخبر في ثلاثة أوجه :
أحدهما : أن التماسه الطعام ليأكل دليل على أنه كان مفطراً إذ لو كان صائماً ما التمس طعاماً ولا أهم بالإفطار ، فإن قيل : إنما التمسه لوقت الإفطار لا للأكل ، في الحال ، قلنا : لو كان هذا مراده لقال هل من عشاء ، فلما قال : هل من غداء علم أنه أراد أكله في الحال فإن قيل : إنما سأل عن ذلك ليعلم خبر منزله ، قلنا : هذا خطأ ، لأن ظاهر قوله ‘ هل عندكم من غذاءٍ أتغذى به ‘ يدل على أنهم لما قالوا : لا قال : ‘ إني صائم ‘ فعقب ذلك بما دل على مراده على أنا روينا أنه كان إذا أحضروا الغذاء أكل ، وإن لم يحضروه قال إني صائم .
والدليل الثاني : من الخبر أنه لما أخبر بصيامه عند فقد الطعام دل على حدوث نيته ، وأن صومه إنما كان لفقده ليكون الحكم محمولاً على سنته .
والدليل الثالث منه : قوله ‘ إني إذاً صائم ‘ فمعلوم أن إذاً للابتداء والاستثناء لا لما مضى ، وتقدم ويدل على ذلك أيضاً من طريق المعنى : أن الصوم عبادة يتنوع جنسها فرضاً ونفلاً ويخرج منها بالفساد ، فوجب أن يخالف نفلها فرضها في ترك التوجه ، والقيام مع القدرة عليها ولا يدخل عليه الحج لأنه لا يخرج منه بالفساد ، فإن قيل : قد يختلف فرض الصيام ونفله في كفارة الوطئ قلنا : ليست الكفارة من أفعال الصوم وإنما هي موجبات إفساده على أن الكفارة إنما تلزم لجرمة رمضان لا لفرض الصيام ، فأما تعلقهم بعموم الخبر فمخصوص بما ذكرناه ، وأما قياسهم على الصلاة فالمعنى فيها ما ذكرناه من أن الفرض منها يخالف النفل من وجوه ، فجاز أن يتفقا في النية ، وليس كذلك الصيام على أن نية الصيام لما جاز تقدمها جاز تأخيرها ، وليس كذلك الصلاة .
أحدهما : وهو ظاهر ما نقله المزني والربيع ، أنه لا يجوز ؛ لأن الأصل في نية الصيام أن محلها الليل للخبر في ذلك ، ثم قام الدليل على جوازها قبل الزوال ، وتبقى ما بعده على حكم الأصل .
والقول الثاني : وهو ظاهر ما نقله حرملة جوازه ، لأنه لما كان الليل محلاً للنية في