الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج3-ص404
بالآخر على أن المعنى في الحج أنه لما لم يفتقر قضاؤه إلى التعيين ، لم يفتقر أداؤه إلى التعيين ، ولما افتقر قضاء الصوم إلى التعيين افتقر أداؤه إلى التعيين .
والثاني : لقوله ( ص ) ‘ لا صيام لمن يجمع الصيام من الليل ‘ فلو نوى مع طلوع الفجر لم يجزه لخلو جزء من النهار عن النية ، فإن قيل : فلم أجزتم تقديم النية في الصوم ومنعتم من تقويمها في سائر العبادات ؟ قلنا : لأمرين :
أحدهما : أن الصوم يدخل عليه بمرور الزمان فشق عليه مراعاة النية في ابتدائه وسائر العبادات يدخل فيها بفعله ، فلم تلحقه المشقة في مراعاة أولها .
والثاني : أن ابتداء الصوم طلوع الفجر وطلوعه يخفى على كثير من الناس مع كونهم نياماً ، فلو كلفوا مراعاته لشق عليهم ، فإذا ثبت أن جميع الليل محل للنية ، فلا فرق بين أوله وآخره ، وقال بعض أصحابنا إن نوى في النصف الأخير صح صومه ، وإن نوى في النصف الأول لم يصح قال : لأن النصف الأخير من توابع النهار المستقبل ، والنصف الأول من توابع النهار الماضي ، ألا ترى أن أذان الصبح ، ورمي الجمار يصح فعلهما في النصف الأخير ، ولا يصح في النصف الأول ، وهذا الذي قاله غلط كما ذكرنا من عموم الخبر ، ولما في مراعاة نصف الليل من المشقة ، فأما إذا نوى الصوم ثم أكل أو جامع فهو على نيته ، وقال أبو إسحاق : عليه تجديد النية بعد الأكل والجماع وكذلك لو نام ثم استيقظ قبل الفجر ، لزمه تجديد النية قال لأنه بالأكل والجماع قد خالف نيته ، وما عقده من الصوم على نفسه ، وهذا الذي قاله أبو إسحاق : غلط مذهباً وحجاجاً ، أما المذهب : فلأن الشافعي قال : ولو طلع الفجر عليه وهو مجامع أخرج مكانه ، وصح صومه فلو لزمه تجديد النية لبطل صومه ، لأن نيته بعد الإخراج تصادف أقل النهار وأما الحجاج فعموم قوله ( ص ) : ‘ لا صيام لمن لم يبيت الصيام من الليل ‘ ولأنه مفطر في الليل ، وإن لم يأكل فتركه الأكل والجماع مع كونه مفطراً غير مفيد .
أحدهما : أن إن شاء الله قول باللسان ، والنية اعتقاد بالقلب والأقوال لا تؤثر في اعتقادات القلوب وهذا فاسد بمشيئة زيد .