الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج3-ص402
الحكم من شيء لم يجز أن يلحق به شيء قياساً ، أو استدلالاً وأما قياسهم على التطوع بعلة أنه غير ثابت في الذمة فلا يصح من وجهين :
أحدهما : أن صوم التطوع يجعل فيه الصائم متقرباً ببعض يوم ، وذلك من وقت ما يؤدى على قول بعض أصحابنا ، ولا يحصل له مثل ذلك في الواجب .
والثاني : أن في الواجب يلزمه إمساك يومه أجمع ، ولا يلزمه مثل ذلك في التطوع فلذلك ما افترقا في محل النية ، وأما قوله إنه لما شق على الناس إناطة النية بالفعل ورخص لهم في التقدم ، فكذلك رخص لهم في التأخر فغلط بين لأن النية ، إذا جوز تقديمها على الفعل طرأ عملها على نية سابقة ، واعتقاد مقرر ، وإذا تقدم الفعل على النية ، ورد الفعل عارياً عنها ، فلذلك لم يصح تأخيرها فأما مالك فاستدل لصحة مذهبه بقوله ( ص ) ‘ لا صيام لمن لم يبيت الصيام من الليل ‘ فنفى جنس الصيام لعدم النية ، فوجب أن يثبت جنسه بوجودها ، قال : ولأن شهر رمضان عبادة كالصلاة الواحدة وأيامه كالركعات فيها ثم كانت نية واحدة تجزيه لجميع الصلاة فكذلك يقتضي أنه يجزئه نية واحدة لجميع الشهر ، والدلالة عليه هو أن المعنى الذي وجبت النية من أجله في اليوم الأول موجود في اليوم الثاني ، وما يليه إلى آخر الشهر ، وهو أنه صوم يوم واجب فوجب أن يكون من شرطه تقدم النية من ليلته كاليوم الأول ، ولأنها عبادة تؤدى وتقضى ، فوجب أن يكون عدد النية في أدائها كعدد النية في قضائها أصله الصلاة لأن الفوائت منها كالمؤقتات ، في إفراد كل صلاة منها بينة مجردة ، ولأنه انتقال من فطر إلى صوم ، فوجب أن يكون من شرطه نية تخصه كالقضاء ، ولأن كل ما وجب في الصوم قضاء وجب فيه أداء كالامتناع عن الأكل والشرب ، فأما ما استدل به من قوله : ‘ لا صيام لمن لم يبيت الصيام من الليل ‘ فدليلنا لأنه اعتبر تبييت جنس الصيام في جنس الليل فكل يوم من الصيام يبيت في جنس من الليل ، فوجب أن يبيت بما يبيت به الأول ، وأما قوله : إنه عبادة واحدة كالصلاة فغلط بل كل يوم منه عبادة ، لأنه لا يتعدى فساده إلى غيره .
أحدهما : وهو قول أبي علي بن أبي هريرة ينوي أن يصوم يوماً من رمضان ، وإن لم يقل فرضاً كما ينوي صلاة الظهر لأن شهر رمضان لا يكون إلا فرضاً كما أن صلاة الظهر لا تكون إلا فريضة .
والوجه الثاني : وهو قول أبي إسحاق ينوي أن يصوم فرضاً من رمضان ولذلك في الظهر ينوي أن يصلي فريضة الظهر لا يجزئه غير هذا لأن المراهق قد يصلي الظهر ، ويصوم رمضان ، ولا يكونا له فرضاً فافتقرت نيته إلى تعيين الفريضة ، فأما إن نوى في شهر رمضان