پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج3-ص401

مستحق الزمان كشهر رمضان والنذر الذي قد تعين زمانه أجزأه ، فأما ما لم يتعين زمانه كالقضاء والكفارات ، فلا بد فيه من نية قبل الفجر ، وقال مالك : عليه أن ينوي قبل الفجر ، إلا أنه إن نوى في الليلة الأولى لجميع الشهر أجزأه فأما أبو حنيفة فاستدل بما روي عن النبي ( ص ) أنه بعث إلى أهل العوالي في يوم عاشوراء أن من أكل فليمسك بقية يومه ، ومن لم يأكل فليصم قال ومعلوم أنه إنما بعث إليهم في نهار ذلك اليوم ، لا في ليلة مع كون عاشوراء في ذلك اليوم فرضاً ، فدل على جواز النية من النهار قال ، ولأنه صوم غير ثابت في ذمته ، فوجب أن لا يفتقر إلى نية من الليل أصله صوم التطوع قال : ولأنه لما شق على الناس أن تكون النية منوطة بوقت الدخول في الصوم ، وهو طلوع الفجر رخص لهم في التقدم على الفجر ، فكذلك أيضاً جوز لهم بهذا المعنى التأخر عن الفجر ، والدلالة على صحة ما ذهبنا إليه رواية الزهري عن سالم ، عن أبيه عن حفصة رضي الله عنها أن النبي ( ص ) قال : ‘ لا صيام لمن لم يجمع الصيام من الليل ‘ وقد روت ذلك أيضاً عائشة وأم سلمة وابن عمر رضي الله عنهم ، وفي رواية بعضهم لمن لم يبيت الصيام من الليل ، وفي رواية بعضهم لمن لم ينو الصيام قبل الفجر ، فنفي أن يكون الصوم محكوماً بصحته إلا بعد تقدم النية من الليل ، ولأنه صوم يوم واجب فوجب أن يكون تقديم النية من شرطه من الليل ، كالقضاء والكفارات ولأنه صوم مستحق عري عن النية له قبل الفجر ، فوجب أن لا يصح كالنذر والكفارة ، ولأنها عبادة تؤدي وتقضى فوجب أن يكون محل النية في أدائها كمحل النية في قضائها ، أصله الصلاة فأما استدلاله بحديث عاشوراء ، وأهل العوالي فالجواب عنه من ثلاثة أوجه :

أحدها : أن عاشوراء لم يكن فرضاً بل كان تطوعاً لقوله فيه صيام عاشوراء كفارة سنة ، ولم يحفظ عنه غير هذا ، ألا تراه لم يأمر من أكل بالقضاء مع شدة حاجتهم إلى إثبات الحكم فيه أن لو كان واجباً فدل تركه أن يأمر من أكل بالقضاء على أنه كان تطوعاً .

والجواب الثاني : هو أنا وإن سلمنا لهم أنه كان فرضاً فإنا نقول : إن ابتداء فرضهم كان من حين بلغهم ، وأنفذ إليهم ومن حينئذ تعلقت عليهم العبادة ، فلم يخاطبوا بما تقدم كأهل قباء لما استداروا في ركوعهم إلى الكعبة من حين بلغهم سقط عنهم حكم الاستقبال بما تقدم من صلاتهم قبل علمهم .

والجواب الثالث : أن صوم عاشوراء وإن كان فرضاً فقد نسخ باتفاق العلماء وإذا نسخ