الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج3-ص388
قال الماوردي : أما الأقارب وذووا الأرحام ، فضربان :
أحدهما : أن تكون نفقاتهم واجبة كالآباء والأبناء إذا كانوا فقراء زمنى ، فلا يجوز أن يدفع الزكاة إليهم لأنه يجب عليه أن يخرج الزكاة عنهم .
والضرب الثاني : أن لا تكون نفقاتهم واجبة ، كالإخوة والأخوات والأعمام والعمات والأخوال ، والخالات فالأولى إذا كانوا من أهل الصدقة أن يخصهم بها صلة لرحمه وبراً لأهله وأقاربه قال الله تعالى : ( أَنْ تُفْسِدُواْ في الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ أُولَئِكَ الَّذينَ لَعَنَهُمْ اللهُ ) ( محمد : 22 ) فجمع بين قطيعة الرحم ، والإفساد في الأرض ثم عقبها باللعنة إبانة لعظم الإثم .
وروي أن النبي ( ص ) حين دخل المدينة كان على راحلته وبيده مخصرةٌ وهو يومي بها ويقول أيها الناس أفشوا السلام وأطعموا الطعام ، وصلوا الأرحام وادخلوا الجنة بسلامٍ .
وروي عنه ( ص ) أنه قال ‘ صلوا أرحامكم ولو بالسلام ‘ .
وروي عنه ( ص ) أنه قال ( خير الصدقة على ذي الرحم الكاشح ) يعني المعادي وروي عنه ( ص ) أنه قال ‘ لا يقبل الله صدقة امرئٍ وذو رحمٍ محتاجٌ ‘ وفيه ثلاثة تأويلات :
أحدهما : لا يقبل الله صدقة كاملة وذو رحم محتاج .
والثاني : لا يقبل الله صدقة تطوع وذو رحم محتاج .
والثالث : لا يقبل الله صدقة إما فرض ، وإما تطوع وذو رحم تجب نفقته محتاج ، فلا ينفق عليه ويختار للزوجة إذا كان زوجها فقيراً ، أن تخصه بصدقتها ، لأن في معنى أهلها وأقاربها ، ومنع أبو حنيفة من ذلك وقال : إن دفعت إليه زكاتها زكاتها لم يجزها ، وهذا غلط لأن المناسب أقوى سبباً من الزوج لأن عصمة النسب لا يمكن قطعها ، وعصمة الزوجية يمكن قطعها فإذا جاز واستحب له دفع الصدقة إلى أهله ، وأقاربه إذا كانت نفقاتهم غير واجبة جاز للزوجة ، واستحب لها دفع الصدقة إلى زوجها ، إذ نفقته غير واجبة ، فلو عدل المزكي عن أقاربه وذوي رحمه إلى الأجانب الفقراء ، فقد عدل عن الأولى وأجزأه .