الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج3-ص384
لا يجوز أن يخرج بدلاً من البر والشعير دقيقاً ولا سويقاً ولا بدلاً من التمر دبساً ولا ناطفاً ، وأجاز أبو حنيفة ذلك على أصله من جواز القيم في الزكوات ، وأجاز مالك الدقيق بدلاً من الحب مع وفاقه أن القيم في الزكوات لا تجوز وبه قال أبو القاسم بن بشار الأنماطي من أصحابنا ، احتجاجاً برواية سفيان بن عيينة عن محمد بن عجلان عن عياض بن عبد الله عن أبي سعيد الخدري قال : كنا نخرج زكاة الفطر إذ فينا رسول الله ( ص ) صاعاً من تمرٍ أو صاعاً من شعيرٍ أو صاعاً من أقطٍ أو صاعا من طعامٍ أو صاعاً من دقيقٍ . وهذا غلط لأن الحب منصوص عليه ، وهو كامل المنفعة لأنه يصلح للبذر والطحن والهرس والادخار والدقيق مسلوب المنافع إلا الاقتيات فلم يجز إخراجه لنقص منافعه ، فأما الحديث فقد أنكره أبو داود رحمه الله وقال وهم فيه سفيان :
قال الماوردي : أما أهل البادية فزكاة الفطر واجبة عليهم ، وحكي عن الزهري وربيعة وعطاء إن زكاة الفطر غير واجبة عليهم ، وهذا مذهب شذوا به عن الإجماع ، وخالفوا فيه نص السنة ، ولو جاز ما قالوا من سقوط زكاة الفطر عنهم مع قوله ( على كل حر وعبدٍ ذكرٍ وأنثى من المسلمين ) لجاز سقوط زكاة الأموال عنهم فلما أجمعوا على خلافه في زكوات الأموال كذلك في زكاة الفطر عليهم فإذا ثبت وجوبها عليهم فلهم فيها حالان :
أحدهما : أن يقتاتوا ما يقتاته أهل الحضر فعليهم إخراج زكاة الفطر منها كأهل الحضر ، وليس لهم إخراج الأقط .
والحالة الثانية : أن يقتاتوا الأقط فقد روى أبو سعيد الخدري قال ‘ كنا نخرج إذ فينا رسول الله ( ص ) صاعاً من تمرٍ أو صاعاً من شعيرٍ أو صاعاً من زبيبٍ أو صاعاً من أقطٍ ‘ وروى كثير بن عبد الله بن عمرو وعن أبيه عن جده قال ‘ فرض رسول الله ( ص ) زكاة الفطر صاعاً من تمرٍ أو صاعاً من شعيرٍ أو صاعاً من زبيبٍ أو صاعاً من أقطٍ أو صاعاً من طعامٍ ‘ فإما حديث أبي سعيد فصحيح وأما هذا فضعيف ، فإن صح أن أبا سعيد كان يخرج ذلك بأمر رسول الله ( ص ) أو بعلمه صح هذا الحديث في إسناده فإن لأهل البادية إخراج الأقط ، قولاً واحداً