الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج3-ص372
وقال أبو حنيفة : لا تجب زكاة الفطر إلا على من معه نصاب تجب فيه الزكاة ، فاعتبر إحدى الزكاتين بالأخرى استدلالاً بقوله ( ص ) ( أمرت أن آخذ الصدقة من أغنيائكم فأردها في فقرائكم ) فجعل الغني مأخوذاً منه ، والفقير مردوداً عليه ، فلم يجز أن يجعل الفقير مأخوذاً منه كما لم يجز أن يجعل الغني مردوداً عليه ، قال : ولأنها صدقة تتكرر بالحول ، فوجب أن يراعى فيها النصاب كسائر الصدقات قال : ولأنه ممن تحل له الصدقة باسم الفقر ، فوجب أن لا تلزمه صدقة الفطر كمن لم يفضل من قوته شيء ، والدلالة على صحة ما ذهبنا إليه عموم حديث ابن عمر أن النبي ( ص ) ( فرض زكاة الفطر من رمضان على الناس ) ولم يفرق بين غني وفقير .
وروى الزهري عن ثعلبة بن عبد الله بن أبي صعير عن أبيه أن رسول الله ( ص ) ‘ فرض زكاة الفطر صاعاً عن كل حر وعبدٍ ذكر وأنثى صغير أو كبير غني أو فقير أما الغني فيزكيه الله وأما الفقير فيرد الله عليه أكثر مما أعطى ‘ فدل على وجوبها على الفقير ، ولأنه حق في مال لا يزيد بزيادة المال ، فوجب أن لا يعتبر فيه وجود النصاب قياساً على الكفارات ، ولأنه واجد فضلة عن قوت يومه فوجب أن يلزمه إخراجها قياساً على من معه نصاب . فأما الجواب عن احتجاجه بالخبر فهو أن النبي ( ص ) قصد به تنزيه الفقراء ، فلم يجز أن يعدل به عما قصد له على أنه محمول على زكاة الأموال ، وأما قياسه على سائر الصدقات ، فالمعنى في اعتبار النصاب فيها : زيادتها بزيادة المال ونقصانها بنقصانه ، وأما قياسه على من لم يفضل من قوته شيء فالمعنى في أنه غير قادر عليه .
قال الماوردي : قد ذكرنا أن من وجد زكاة فطره فاضلة عن قوت يومه ، فعليه إخراجها ، واعتبار وجود ذلك وقت وجوبها ، فعلى قوله في القديم يعتبر وجود ذلك عند طلوع الفجر ، لأن به تجب زكاة الفطر ، وعلى قوله في الجديد يعتبر وجود ذلك عند غروب الشمس ؛ لأنه به تجب زكاة الفطر ، فإذا ثبت ذلك لم يخل حاله عند غروب الشمس على قوله في الجديد ، أو عند طلوع الفجر على قوله في القديم من ثلاثة أقسام ، إما أن يكون