پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج3-ص368

فصل

: فإذا ثبت أن الزكاة لا تسقط بموته لم يخل حاله من أحد أمرين . إما أن يكون عليه سوى الزكاة دين أم لا ، فإن لم يكن عليه سوى الزكاة أخذت الزكاة من تركته ، وأقتسم الورثة بباقي تركته ، وإن كان عليه دين فقد وجب في ماله حقان حق الله تعالى ، وهو الزكاة ، وحق الآدمي وهو الدين فإن كانت تركته تسع لهما قضيا معاً ، وإن فضل شيء اقتسمه الورثة على فرائض الله تعالى ، وإن ضاقت تركته عنها لم يخل حال الزكاة التي وجبت من أمرين ، إما أن تكون زكاة مال فطره أو زكاة مال فإن كانت زكاته مال لم يخل حال المال من أحد أمرين ، إما أن يكون موجوداً ، أو معدوماً فإن كان معدوماً استقر الدين وبطل تعلقهما بالعين وصارت لاستقرارها في الذمة كالدين ثم هل تقدم على دين الآدمي ، أو يقدم عليها دين الآدمي لقوله ( ص ) ( فدين الله أحق أن يقضى ) .

والقوال الثاني : أن دين الآدمي يقدم عليها فيبدأ بقضاء دين الآدمي ، ثم يصرف ما بقي فيها لأن حق الله تعالى قد يسقط بالشبهة ، وحق الآدمي لا يسقط بالشبهة وهو مبني على المضايقة .

والقول الثالث : أنهما سواء لا يقدم أحدهما على الآخر لوجوب أدائهما فيخرج لكل واحد منهما بقسط ما احتملته التركة ، وإن كان المال الذي وجبت زكاته موجودا في التركة ، فإن قلنا إن الزكاة وجبت في العين دون الذمة أو في الذمة ، والعين بها مرتهنة قدمت الزكاة على دين الآدمي ، لأنهما قد استويا في الوجوب ، وتعلق أحدهما بالعين فكان أقوى وأولى بالتقدمة كالمرتهن يقدم بثمن الرهن على جميع الغرماء لمشاركته لهم في الدين ، وفضله عليهم ، لتعلق حقه بالعين ، وإن قيل : وجبت في الذمة وجوباً منبرماً لا تعلق لها بالعين فحكمها حكم الزكاة التي قد وجبت في مال قد تلف فيكون فيها ، وفي الدين ثلاثة أقاويل على ما مضت فهذا حكم زكاة المال مع الدين فأما زكاة الفطر مع الدين ، فقد اختلف أصحابنا فيها فكان أبو الطيب بن سلمة يقول : هي مقدمة على الدين قولاً واحداً لقلتها في الغالب وتعلقها بالرقبة فاستحقت كأرش الجناية ، وذهب بعض أصحابنا إلى أنه كزكاة المال ، لأن كل واحد منهما حق لله تعالى يجب صرفه إلى أهل الصدقات فوجب أن يستوي حكمهما فعلى هذا فيها ، وفي الدين ثلاثة أقاويل على ما مضت .