پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج3-ص362

ألا ترى إلى قوله ( ص ) ( فطركم يوم تفطرون وعرفتكم يوم تعرفون وأضحاكم يوم تضحون ) ولأن تعلق زكاة الفطر بعيد الفطر كتعلق الأضحية بعيد الأضحى فلما كانت الأضحية متعلقة بنهار النحر دون ليله أن تكون الفطرة متعلقة بنهار الفطر دون ليلة وتحرير ذلك قياساً : أنه حق في مال يخرج في يوم عيد ، فوجب أن يكون تعلقه باليوم كالأضحية ، ولأن ليلة الفطر مثل ما قبلها فيما يحل ويحرم فيها فلم يجز أن تتعلق زكاة الفطر بها كما لم تتعلق بما قبلها .

وتحرير ذلك قياساً : أنه خصلة عن يوم من رمضان فوجب أن لا يتعلق به زكاة الفطرة كاليوم الأول والدلالة على صحة قوله في الجديد في تعلقها بغروب الشمس دون طلوع الفجر ، حديث ابن عباس أن رسول الله ( ص ) فرض زكاة الفطر من رمضان طهوراً للصائم من اللغو والرفث وطعمةً للمساكين ، وفيه دليلان :

أحدهما : قوله : فرض زكاة الفطر من رمضان ، فأخبر أنها مفروضة بالفطر من رمضان ، وأول فطر يقع من جميع رمضان مغيب الشمس من آخر نهاره ، فاقتضى أن يكون الوجوب متعلقاً به .

والثاني : قوله : طهوراً للصائم لأن من لم يدرك شيئاً من زمان الصوم لم يحتج إلى الطهرة من الصوم ، وقد تحرر هذه الدلالة قياساً فيقال لأنه لم يدرك شيئاً من رمضان ، فوجب أن لا تلزمه زكاة الفطر قياساً على ما بعد طلوع الفجر ، ولأن طلوع الفجر في حكم ما تقدم في أن الخروج من الصوم قد تقدمه ، فلم يجز أن يتعلق به زكاة الفطر كما لم يتعلق بما بعده .

وتحرير ذلك قياساً أنه وقت لم يتعقب زمان الصوم فوجب أن لا يتعلق به زكاة الفطر ، قياساً على طلوع الشمس من يوم الفطر ، ولأن زكاة الفطر إما أن تجب بخروج رمضان ، أو بدخول شوال ، وغروب الشمس بجميع الأمرين فكان تعلق الزكاة به أولى .

فأما الجواب عن قوله ( ص ) ‘ أغنوهم عن الطلب في هذا اليوم ‘ فمن وجهين :

أحدهما : أن إغناءهم بدفعها لهم لا بوجوبها لهم ، وهي تدفع إليهم في اليوم لا في الليل ، وتجب لهم في الليل لا في اليوم .

والثاني : أن أمره بإعنائهم عن الطلب فيه لا يدل على وجوبها ، أو دفعها فيه ، وإنما يدل على وجوب إغنائهم عن الطلب ، وهم يستغنون فيه عن الطلب بما يدفع إليهم من الليل .