الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج3-ص357
ولأن زكاة فطرهم تجب لأجل الملك لا لأجل التصرف بدليل ، أن العبد لو كان زمناً لا يقدر على التصرف لزمته نفقته ، وزكاة فطره فأما المال الغائب فالفرق بينه وبين العبد من وجهين :
أحدهما : أن إمكان التصرف شرط في زكاة المال فلم يجب إخراج زكاته ، إذا كان غائباً لعدم التصرف ، وليس إمكان التصرف شرطاً في فطرة العبد فلزم إخراج فطرته ، وإن كان غائباً لا يقدر على التصرف .
والثاني : إن زكاة المال إخراج قدر منه فإذا لم يحضر لم تجب وليس فطرة العبد منه فجاز ، إن لم يحضر أن تجب .
والحالة الثانية : أن لا تعلم حياتهم ، فقد قال الشافعي هاهنا إنه يؤدي عنهم الزكاة وإن لم يرج رجعتهم إذا علم حياتهم وكان مفهومه أنه إذا لم يعلم حياتهم لم يؤد عنهم .
وقال في موضع آخر يؤدي عنهم وإن لم يعلم حياتهم .
واختلف أصحابنا فكان من المتقدمين وساعدهم ابن أبي هريرة يخرجون المسألة على قولين :
أحدهما : عليه زكاة فطرهم لأن الأصل بقاء حياتهم ، ووجوب فطرهم فلا تسقط بالشك ، ولأنه لو أعتقهم عن كفارة قال الشافعي هاهنا لم يجزه إلغاء لحكم حياتهم فكذلك لا تلزمه زكاة فطرهم إلغاء لحكم حياتهم ، وكان أبو إسحاق المروزي وهو الصحيح جعل المسألة قولاً واحداً : أن زكاة فطرهم واجبة عليه فعلى هذا الفرق بين هذا والكفارة ، هو أن الأصل بقاء الكفارة في ذمته يتعين فلا يسقط فرضها بالشك ، والأصل حياة الغائب فلم تسقط زكاة فطره بالشك فبالمعنى الذي احتيط في الكفارة فلم يسقط فرضها بالشك بمثله احتيط في زكاة الفطرة فلم يسقط فرضها بالشك .
قال الماوردي : أما العبد المرهون فزكاة فطره واجبة على سيده لقوله ( ص ) ( أدوا صدقة الفطر عمن تمونون ) ولأن زكاة المال أوكد من زكاة الفطر لتعلقها بالعين فلما لم يمنع الرهن زكاة المال كان أولى أن لا يمنع زكاة الفطر وإذا ثبت أن زكاة فطره واجبة ، لزم السيد إخراجها من ماله ولم يكن له إخراجها من رقبته لأنها تابعة لمؤنته ومؤنته في ماله فذلك زكاة فطره وهذا يخالف المال المرهون حيث أخرجت زكاته منه على أحد القولين لأن فطرة العبد في ذمة سيده ، وزكاة المال على أحد القولين في عينه فأما العبد المغصوب فزكاة فطره واجبة قال