الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج3-ص339
وقوف الشافعي في المقدار لا في الحول ، والذي عليه جمهور أصحابنا أن الحول لا يعتبر في المقادير قولاً واحداً ، وهو قول مالك وأبي حنيفة لأنه مستفاد من الأرض ، فلم يراع فيه الحول كالزرع ولأن الحول إنما يعتبر كامل النماء وهذا نماء في نفسه فلم يعتبر فيه الحول كالسخال وأرباح التجارات ، ومن أصحابنا من خرج ما رواه المزني قولاً ثابتاً واعتبر فيه الحول ، وهو مذهب المزني وإسحاق بن راهويه لقوله ( ص ) ‘ لا زكاة في مالٍ حتى يحول عليه الحول ‘ ولأنه من جنس ما تتكرر زكاته فوجب أن يعتبر حوله كالمستفاد بهبة أو ميراث .
فصل
: إذا اجتمع رجلان على معدن فأخذا منه معاً نصاباً ، فإذا قلنا إن الخلطة لا تصح في غير المواشي على قوله في القدير فلا شيء على واحد منهما وإن قلنا : أن الخلطة تصح من غير المواشي على قوله في الجديد فعليهما الزكاة ، لأنهما خليطان في نصاب .
فصل
: إذا عمل المكاتب في المعدن واستفاد منه ورقاً أو ذهباً فلا زكاة عليه ، وإن كان مالكاً لما أخذه لأنه من غير أهل الزكاة كالفيء والغنيمة ، فإن قيل : ما الفرق بين أن يغنم المكاتب ما لا فيؤخذ خمسة ؟ وبين أن يستفيد معدناً أو ركازاً فلا يؤخذ منا ؟ قيل : لأنه في الغنيمة لا يملك إلا أربعة أخماسها ويملك أهل الخمس معه خمسها ، وفي الركاز والمعدن يملك جميعه أولاً فإن كان حراً استحق عليه خمسه بعد ملكه ، كما يستحق عليه زكاة ماله ، وإن كان مكاتباً لم يستحق عليه خمسة بعد ملكه ، كما لا يستحق عليه زكاة ماله .
فصل
: فأما الذمي فإنه يمنع من العمل كما يمنع من إحياء الموات فإن عمل فيه بعد ملك ما أخذه ، لم تلزمه زكاته ، لأن الذمي لا زكاة عليه ، فإن قيل : إذا كان ممنوعاً من العمل في المعدن كما يمنع من إحياء الموات ، فهلا كان غير مالك لما أخذه من المعدن ، كما كان غير مالك لما أحياه من الموات .
قيل الفرق بينهما أن ضرر الأحياء مؤبد فلم يملك به وضرر عمله في المعدن غير مؤبد فملك به كما يملك الصيد والماء العذب والله أعلم .