الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج3-ص331
قال الماوردي : وقد مضت هذه المسألة .
قال الماوردي : وهذا صحيح .
إذا قبض الساعي زكوات الأموال فعليه إيصالها إلى أهل السهمان وليس له بيعها إلا لضرورة داعية ، من خوف طريق أو خوف من لصوص أو بعد مسافة ، يخالف أن تحيط مؤنتها بثمنها فإن باعها لضرورة كان بيعه جائزاً إذا كان بثمن مثلها وإن باعها لغير ضرورة كان بيعه باطلاً ، ويسترجع ما باعه من يد المشتري إن كان باقياً ، وإن تلف لزمه ضمانه ، فإن كان له مثل لزمه رد مثله ، وإن لم يكن له مثل لزمه أكثر قيمته من قوت بيعه إلى وقت تلفه .
قال الماوردي : ولذا كرهت له شراء ما تصدقت به واجباً وتطوعاً لما روي أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه حمل على فرس في سبيل الله يقال له : الورد فرآه يباع في السوق ، فأراد أن يشتريه فقال له رسول الله ( ص ) ‘ لا تعد في صدقتك ولو أعطيتها نصفين ودعها حتى تكون هي ونتاجها لك يوم القيامة ‘ ولأن لا يسامح في ثمنها فينقص من ثوابه ، ولأن لا يتبعها نفسه فيستراب له فإن ابتاعها كان البيع جايزاً ، وإن كان مكروهاً .
وقال مالك : البيع باطل استدلالاً بحديث عمر رضي الله عنه ونهي النبي ( ص ) له أن يعود في صدقته .
والدلالة على جوازه ما روي عن النبي ( ص ) أنه قال ‘ لا تحل الصدقة لغني إلا لخمسةٍ ‘ وذكر منهم رجلاً اشتراها بماله فكان على عمومه ولأن عودها إليه ، بغير المعنى الذي تملكته عليه غير ممنوع منه ، ألا ترى أنها لو عادت إليه ميراثاً ، جاز لما روي أن رجلاً تصدق على أبيه بحديقةٍ فمات فرجعت إليه فقال النبي ( ص ) : ‘ قبلت صدقتك وبلغت محلها وصار ذلك ميراثاً ‘ وإذا جاز عودها إليه بالميراث جاز عودها بالابتياع وتحرير ذلك قياساً إن كل ما جاز أن يملكه إرثاً جاز أن يملكه ابتياعاً كسائر الأموال .