الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج3-ص328
والوجه الثاني : أنها قد انتقلت إلى البايع لانتقال الثمرة إليه ، أو قيل : إنها وجبت في العين وجوب استحقاق .
قال الماوردي : قد مضت هذه المسألة في زكاة المواشي مستوفاة ، وسنشير إلى جملتها ونذكر ما سنح من الزيادة ، فيها أعلم أن من باع ثمرته بعد بدو صلاحها ، ووجوب الزكاة فيها لم يخل حاله من أحد أمرين .
إما أن يكون قد أخذها لخرصها وضمنها بزكاتها فبيع هذا جائز ، لا يختلف المذهب فيه .
وإما أن يكون أخذها أمانة ، ولم يجعلها في يده مضمونة ، فهذا على ضربين :
أحدهما : أن يبيعه تسعة أعشارها ، ويستثنى قدر الزكاة مشاعاً فيها ، فهذا بيع جايز .
والضرب الثاني : أن يبيعها جميعاً مع ما وجب من الزكاة فيها ، فيكون البيع في قدر الزكاة على قولين أحدهما باطل ، إذا قيل : إن الزكاة استحقاق في العين فعلى هذا يكون البيع في الباقي على قولين من تفريق الصفقة على ما تقدم من اختلاف العلة :
أحدهما : بطل لأن الصفقة جمعت حلالاً وحراماً .
والقول الثاني : جايز فعلى هذا يكون المشتري بالخيار ، فإن فسخ رجع بالثمن ، وإن أقام فالصحيح ، أن يقيم بحساب الثمن وقسطه وقد خرج قول أخر أنه يقيم بجميع الثمن وإلا فسخ ، والقول الثاني في الأصل إن البيع في قدر الزكاة جايز ، إذا قلنا : إن الزكاة وجبت في الذمة وجوباً منبرماً فعلى هذا البيع في الكل جايز فعلى هذا إن دفع البايع الزكاة من ماله سلم البيع في الكل وانبرم ، وإن أخذها الساعي من هذه الثمرة المبيعة فهذا على ضربين :
أحدهما : أن يكون المشتري قد قبض الثمن ، وصارت بيده ، فأخذها الساعي منه فالبيع ، لا يبطل فيما أخذه الساعي لأن البيع صحيح ، وقد صار من ضمان المشتري بالقبض لكن يرجع على البايع بمثله ، لأن الثمن مثل .
والضرب الثاني : أن تكون الثمرة في يد البايع لم يقبضها المشتري بعد فالبيع فيما أخذه الساعي من الزكاة ، قد بطل وهو في الباقي على الصحيح من المذهب جايز ، ومن أصحابنا من خرجه على قولين على ما مضى .