الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج3-ص312
أحدهما : يمنع ولا زكاة عليه كدين الآدمي .
والثاني : لا يمنع وعليه زكاة لأن دين الآدمي أوكد من النذر ، لأن النذر هو على أدائه أمين ، ودين الآدمي له من يطالب به ، ويستوفيه ولو قال ومعه مائتا درهم : إن شفا الله مريضي تصدقت بمائة درهم منها ، وأشار إليها وعين النذر فيها ، فشفى الله مريضه قبل الحول ، فجوابها عكس ذلك الجواب إن قلنا إن دين الآدمي يمنع وجوب الزكاة فهذا أولى أن يمنع ولا زكاة عليه وإن قلنا : إن دين الآدمي لا يمنع ، فهذا على وجهين أحدهما لا يمنع كدين الآدمي .
والوجه الثاني : يمنع ، لأن هذا قد استحق به عين المال فمنع الزكاة ، ودين الآدمي لم يستحق به عين المال فلم يمنع الزكاة ، والله أعلم .
قال الماوردي : وصورتها : في رجل له مال وعليه من الدين مثل ما بيده ، فقدم إلى القاضي فحكم عليه به ، فهذا على ثلاثة أقسام :
أحدها : أن يحكم عليه بأدائه لقيام البينة ، ولم يحجر عليه ، ولا على ماله ، فهذا الحكم غير مؤثر في الزكاة ويكون كثبوته بإقراره ، ووجوب الزكاة عليه على ما ذكرنا من القولين .
والقسم الثاني : أن يحكم عليه بالدين ويجعل لغرمائه أخذ ماله حيث وجدوه بتمليك منه كأن قال لكل واحد منهم ، قد جعلت لك بدينك العبد الفلاني ، أو الثوب الفلاني ، الذي قد عرفته ، وبعتك هو بمالك عليّ فقبل كل واحد منهم ذلك ، وصار ملكاً لهم فلا زكاة عليه ، لأن ملكه قد زال عما بيده .
والقسم الثالث : أن يحكم بالدين ويحجر عليه في ماله من غير أن يجعله لغرمائه فإن قلنا : الدين مانع من وجوب الزكاة فلا زكاة عليه ، وإن قلنا لا يمنع فهل عليه الزكاة ها هنا أم لا ؟ على قولين بناء على اختلاف قوله في زكاة المال المغصوب لأن الحجر مانع من التصرف كالغصب ، فإن قيل : الصبي قد حجر عليه التصرف في ماله ، ولم يكن الحجر مانعاً