پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج3-ص311

تؤخذ منهم الصدقة عن أموالهم الغائبة ، وتدفع إليهم الصدقة في أسفارهم للحاجة الماسة وأما حديث عثمان – رضي الله عنه – فلا دليل فيه على إسقاط الزكاة بالدين ، وإنما يدل على تقديم الدين على الزكاة وأما قياسهم على الحج ، فغير صحيح ، لأن الجمع بين الحج والزكاة ممتنع لوجوب الزكاة على الصبي والمجنون ، وإن لم يجب الحج عليها ، ووجوب الحج على الفقير ، إذا كان مقيماً بمكة ، وإن لم تجب الزكاة عليه فثبت أن اعتبار أحدهما بالآخر في الوجوب غير صحيح .

وأما قياسهم على الميراث ، فليس الدين مانعاً من الميراث ، لأن الميراث حاصل وقضاء الدين واجب ، ألا ترى أن الوارث لو قضى الدين من ماله لاستحق ميراث ميته على أنه باطل بزكاة الفطر .

وأما قياسهم على المكاتب ، فليس المعنى فيه أنه ممن يستحق إزالة يده عن ماله وإنما المعنى فيه أنه غير تام الملك ألا ترى أن المكاتب لو كان معه قدر دينه فأكثر ، لم يستحق إزالة يده عنه ثم مع هذا لا زكاة عليه ، وأما قولهم : إن هذا يؤدي إلى إيجاب زكاتين في مال فدعوى بلا برهان بل هما مالان لرجلين فزكاة هذا المال في عينه ، وزكاة الدين على مالكه والعين غير الدين .

فصل

: فإذا تقرر هذان القولان وثبت أن أصحهما وجوب الزكاة وأن الدين لا يمنع منها ، فلا فرق بين أن يكون الدين من جنس المال ، أو من غير جنسه حتى لو كان معه مائتا درهم ، وعليه دين من دنانير أو بر أو شعير قدر قيمته مائتا درهم ، فهو كما لو كان معه مائتا درهم ، فتكون الزكاة على قولين ، وكذا لا فرق بين الزكاة والعشر على القولين جميعاً لأن العشر عندنا زكاة وإنما فرق أبو حنيفة ومالك بينهما ، فلو أخرج الله تعالى له خمسة أوسق من ثمرة أو زرع وكان عليه مثلها ديناً ، أو مثل قيمتها دراهم أو دنانير كانت الزكاة على قولين ، فلو كان معه مائتا درهم نقداً وعليه مائتا درهم ديناً فزكاتها على قولين أيضاً ، إن ثبت أن الدين يمنع وجوب الزكاة فلا زكاة عليه ، لأن الباقي بعد الدين أقل من نصاب ، وإن قلنا : لا يمنع فعليه زكاة مائتين فلو كان معه أربعمائة درهم نقداً وعليه مائتا درهم ديناً فعلى هذين القولين أحدها : تجب زكاة المائتين لا غير .

والثاني : زكاة الأربعمائة إذا قلنا الدين لا يمنع وجوب الزكاة .

فصل

: فلو كان معه مائتا درهم نقداً ، فقال قبل الحول إن شفا الله مريضي فالله علي أن أتصدق بمائة درهم فشفى الله مريضه قبل الحول ، فإن قلنا : إن دين الآدمي لا يمنع وجوب الزكاة فهذا أولى والزكاة عليه واجبة ، وإن قلنا : إن دين الآدمي يمنع وجوب الزكاة فهذا على وجهين :