الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج3-ص302
والوجه الثاني : وهو قول أبي إسحاق المروزي يكون مالكاً له فعلى هذا يكون كالمال المغصوب ، هل تجري فيه الزكاة أم لا ؟ على وجهين :
أحدهما : لا تجري فيه الزكاة فعلى هذا إذا قبضه استأنف حوله .
والقول الثاني : تجري فيه الزكاة فعلى هذا يبني حوله على حول العرض فإذا حال حوله وقبضه أخرج زكاته .
مسالة : قال الشافعي رضي الله عنه : ‘ ولا تمنع زكاة التجارة في الرقيق زكاة الفطر إذا كانوا مسلمين ألا ترى أن زكاة الفطر على عدد الأحرار الذين ليسوا بمالٍ إنما هي طهور لمن لزمه اسم الإيمان ‘ .
قال الماوردي : وهذا كما قال :
إذا ملك عبيداً للتجارة وجبت عليه زكاة التجارة في قيمتهم وزكاة الفطر في رقبتهم إذا كانوا مسلمين .
وقال أبو حنيفة : تجب زكاة التجارة ، وتسقط زكاة الفطر لأنهما زكاتان ، فلم يجب اجتماعهما في مال كسائمة الماشية إذا اشتراها للتجارة لم يجز أن يجتمع فيها زكاة التجارة في قيمتها ، وزكاة السوم في رقبتها .
ودليلنا عموم قوله ( ص ) : ‘ عفوت لكم عن صدقة الخيل والرقيق إلا صدقة الفطر في الرقيق ‘ ولأن زكاة التجارة تجب في القيمة ، بدليل أنها تزيد بزيادتها ، وتنقص بنقصها ، وزكاة الفطر تجب عن الرقبة بدليل أنها تجب عن الحرم ، والعبد وإذا اختلف سبب وجوبها لم يمتنع اجتماعهما ، كالصيد المملوك إذا قتله المحرم وجبت عليه قيمته لمالكه بحق ملكه ، وجزاؤه لله تعالى به لا عن رقبته وكحد الزنا وشرب الخمر ، وبهذا الاستدلال يبطل ما احتج به من ينافي زكاة التجارة وزكاة العين ، لأن سبب وجوبهما واحد ، وتحرير ذلك ، أنهما حقان يختلف سبب وجوبهما فوجب أن لا يسقط أحدهما بالآخر كالصيد المملوك والحدين المختلفين ، ولأن لما لم يمتنع أن يجتمع في مال السيد زكاة الفطر عن رقبته ، وزكاة العين عن ماله لم يمتنع ، أن يجتمع في ماله زكاة الفطر عن رقبة عبده وزكاة التجارة عن قيمته ، ولأن زكاة الفطر وجبت بالنص مع انعقاد الإجماع عليها ، وزكاة التجارة وجبت بالاجتهاد مع حصول الخلاف فيها ، فلو جاز إسقاط إحديهما بالأخرى لكان إسقاط زكاة التجارة بالفطر أولى من إسقاط زكاة الفطر بالتجارة ، كما قلنا في الخراج المضروب على الأرض ، والعشر الواجب على الزرع فلما بطل هذا بطل ذاك والله أعلم .