پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج3-ص297

أن عروض القنية لا تجب زكاتها بمجرد النية ، حتى يقترن بها فعل التجارة فأما استدلالهم فسنجعل الجواب عنه فرقاً نذكره في موضعه ، من المسألة الآتية بشاهد واضح .

مسالة : قال الشافعي رضي الله عنه : ‘ ولو اشترى شيئاً للتجارة ثم نواه لقنيةٍ لم يكن عليه زكاة وأحب لو فعل ولا يشبه هذا السائمة إذا نوى علفها فلا ينصرف عن السائمة حتى يعلفها ‘ .

قال الماوردي : وهذا كما قال :

إذا اشترى عرضاً بنية التجارة جرت فيه الزكاة وثبت له الحول من وقت الشراء ، لأن النية لم تتجرد عن الفعل فإن قيل : لو اشترى شاة بنية الأضحية لم تصر أضحية بالشراء والنية حتى يتعقبها القول فما الفرق بينها ؟ قيل بينهما فرقان :

أحدهما : أن الشاة يمكن أن تصير أضحية بعد الشراء بأن يقول هذه أضحية فلذلك لم تكن أضحية بنفس الشراء والنية والعرض لا يصير للتجارة بعد الشراء بالقول ، ولا بالنية فلذلك صار للتجارة بنفس الشراء والنية .

والفرق الثاني : أن جعل الشاة أضحية يزيل الملك والشراء بجلب الملك فلم يصح اجتماعهما لتنافيهما ، وجعل العرض للتجارة غير مزيل للملك فلم يناف الشراء فصح اجتماعهما فإذا ثبت أنه يكون للتجارة بالشراء والنية فالزكاة جارية فيه ، فلو نوى أن يكون للقنية صار للقنية بمجرد النية وسقط وجوب الزكاة فيه .

والفرق بين أن يصير للقنية بمجرد النية ولا يصير للتجارة ، أن القنية كف وإمساك ، فإذا نواها فقد وجد الكف ، والإمساك معها من غير فعل يحتاج إلى إحداثه فصار للقنية والتجارة ، فعل وتصرف ببيع وشراء ، فإذا نواها وتجردت النية عن فعل يقارنها لم تصر للتجارة ، لأن الفعل لم يوجد وشاهد ذلك السفر الذي يتعلق بوجوده ، أحكام وزواله أحكام ، فلو نوى المقيم السفر لم يصر مسافراً ، لأن السفر إحداث فعل والفعل لم يوجد ولو نوى المسافر الإقامة صار مقيماً لأن الإقامة لبث وكف عن فعل ، وذلك قد وجد فلو كان بيده عرضان للتجارة ، فنوى قنية أحدهما كان ما لم يبقه قنيته على حكم التجارة تجري فيه الزكاة ، وما نوى قنيته خارج عن حكم التجارة ، لا تجب فيه الزكاة ، ولو كان بيده عرض للتجارة فنوى قنية بعضه ، فإن وجد ذلك البعض بإجارة عن الجملة أو إشاعة معلومة ، كان مقتنياً لما نوى من بعضه متخيراً لما بقي من جملته ، وإن لم يجد ذلك البعض فعلى وجهين :

أحدهما : لا حكم للقنية للجهل بها ، ويكون جميع العرض على حكم التجارة .