الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج3-ص285
وأما قولهم : إن ما وجبت زكاته فالزكاة في عينه دون قيمته قلنا : الزكاة وجبت في القيمة دون العين ، وإخراجها من القيمة دون العين فما وجبت فيه الزكاة فمنه يؤدى لا من غيره ، وليس إذا لم تجب في العين يقتضي أن لا تجب في القيمة ، هذا مما لا يرجع فيه إلى أصل ، ولا يعتبر بنظير ولا يقصد بدليل ، فلم يكن فيه حجة على أن القيمة عين ، والزكاة فيها وجبت .
وأما قولهم : إن ما فيه الزكاة لا تأثير للنية فيه قلنا : ليست النية مسقطة ، ولا موجبة ، وإنما إرصاده للنماء بالتجارة موجب لزكاته ، كما أن إرصاد الفضة والذهب للتحلي به مسقط لزكاته ، فلما لم يجز أن يقال : إن النية في الحلي مسقطة لزكاته كذلك لا يقال : إن النية في التجارة موجبة لزكاته .
وأما قولهم : إن ما لا زكاة فيه قبل إرصاده للنماء ، فلا زكاة فيه ، وإن أرصد للنماء ففاسد بالحلي لا زكاة فيه ، وإذا أرصد للنماء ، ففيه الزكاة والماشية المعلوفة لا زكاة فيها ، ولو أرصدت للنماء بالسوم ، وجبت فيها الزكاة على أنه لا يجوز أن يعتبر ما أرصد للنماء بما لم يرصد له ، لأن الزكاة تجب بإرصاده للنماء وتسقط بفقده ، وسائر الأصول يشهد به .
وأما من منع من إخراج زكاتها قبل أن ينض ثمنها اعتباراً بالثمرة ، ففاسد بما نض من ثمنها قبل الحول وما ذكره من ارتفاق المساكين قبل ربه ، ولو كان هذا معتبراً فيما له حول لمنع المالك من تعجيل الارتفاق قبل المساكين ، فلما جاز أن يتعجل الارتفاق بربح ما حصل قبل الحول ، وإن لم يرتفق المساكين بمثله جاز أن يتعجل المساكين ما لم ينض ثمنه ، ولم يحصل ربحه ، وإن لم يرتفق المالك بمثله وهذا جواب عن الدلالتين معاً .
مسالة : قال الشافعي رضي الله عنه : ‘ وإذا اتجر في مائتي درهم فصارت ثلاثمائةٍ قبل الحول ثم حال عليها الحول زكى المائتين لحولها والمائة التي زادت لحولها ولا يضم ما ربح إليها لأنه ليس منها وإنما صرفها في غيرها ثم باع ما صرفها فيه ولا يشبه أن يملك مائتي درهم ستة أشهر ثم يشتري بها عرضاً للتجارة فيحول الحول والعرض في يديه فيقوم العرض بزيادته أو بنقصه لأن الزكاة حينئذٍ تحولت في العرض بنية التجارة وصار العرض كالدراهم يحسب عليها لحولها فإذا نص ثمن العرض بعد الحول أخذت الزكاة من ثمنه بالغاً ما بلغ ‘ .
قال الماوردي : صورة هذه المسألة في رجل اشترى عرضاً للتجارة بمائتي درهم ثم باعه بثلاثمائة درهم فهذا على ضربين .