الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج3-ص284
وروي سليمان بن سمرة عن أبيه سمرة بن جندب ، قال كان رسول الله ( ص ) : ‘ يأمرنا أن نخرج الصدقة من الذي يعد للبيع ‘ .
وروى ابن لهيعة عن عراك بن مالك عن النبي ( ص ) أنه قال : ‘ ليس على المسلم في عبده ولا في فرسه صدقة إلا زكاة التجارة ‘ .
وروى الحكم عن مجاهد في قوله تعالى : ( أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ ) ( البقرة : 267 ) قال : زكاة التجارة ، ولأن الذهب والفضة إنما خصا من بين سائر الجواهر بإيجاب الزكاة فيها لإرصادهما للنماء ، وطريق النماء بالتقلب والتجارة فلم يجز أن يكون الموضوع لأيجاب الزكاة سبباً لإسقاطها ، وأما الدلالة على من زعم أنه لا يجب إخراج زكاتها إلا إذا نض ثمنها ، فحديث حماس قال : ‘ مررت على عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – وعلى عنقي أدمة أحملها فقال : ألا تؤدي زكاتها يا حماس فقلت يا أمير المؤمنين ما لي غير هذه وأهب في القرظ فقال : ذاك مال فوضع فوضعتها بين يديه فحسبها ، فوجدها قد وجبت فيها الزكاة ، فأخذ منها الزكاة ‘ ، فكان في هذا الخبر دليلان :
أحدهما : على وجوب زكاة التجارة .
والثاني : على وجوب إخراجها قبل أن ينض ثمنها .
والدلالة على أن عليه زكاتها في كل عام ، هو أنه مال يعتبر فيه الحول فوجب ، أن يزكي في كل حول كالفضة والذهب هذه دلالة على الفريقين ، ولولا أن هذه المسألة أصل من أصول الديانات لاقتصرت على بعض هذه الدلائل ، ولكن ليس إذا قل أنصار المخالف وضعف حزبه ما ينبغي أن لا يوفى العلم حقه .
وأما الجواب عن قوله : ‘ ابتغوا في أموال اليتامى لا تأكلها الصدقة ‘ فهو إنما أمر بالتجارة ليكون ما يعود من ربحها خلفاً عما خرج من زكاتها ، ولم يأمر بها لإسقاط زكاتها ، إذ ليس من شأنه أن يأمر بما يسقط لله تعالى حقاً أو يبطل له سبحانه واجباً .
وأما قوله : ‘ عفوت لكم عن صدقة الخيل والرقيق ‘ فلسنا نوجب الصدقة فيها وإنما نوجبها في قيمتها على أن عراك بن مالك قد استثنى في حديثه زكاة التجارة ، فدل على أن المراد بهذا الحديث ما لم يكن للتجارة .