الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج3-ص279
إذا ملك الرجل حلياً بابتياع أو ميراث ، أو وصية ، أو هبة ، أو مغنم فإن اقتناه لنفسه ، أو أعده للتجارة به ففيه الزكاة وإن حلى به نساءه أو جواريه ففي زكاته قولان ، ولو اتخذ رجل حلياً للإعارة كان مباحاً وفي زكاته قولان .
وقال أبو عبد الله الزبيري وكان شيخ أصحابنا في عصره : اتخاذ الحلي للكرى والإجارة محظور وزكاته واجبة ، قال : وإنما كان محظوراً لأنه خرج عن عرف السلف بالإجارة وعدل عما وردت به السنة والإعارة والحلي إذا عدل به عما وضع له كان محظوراً وزكاة المحظور واجبة ، وعلى الأول جمهور أصحابنا ، وإن كان لقول الزبيري وجه ، ويختار أن يكرى حلي الذهب بالفضة وحلي الفضة بالذهب فإن أكرى حلي الذهب بالذهب وحلي الفضة بالفضة ففيه وجهان :
أصحهما : جوازه لأنه أجرة .
والثاني : لا يجوز خوف الربا وهذا لا وجه له لأن عقد الإجارة لا يدخله الربا ، ولو جاز أن يمنع من إجارة حلي الذهب بالذهب خوف الربا لمنع من إجارته بدراهم مؤجلة خوف الربا ، وقد أجمعوا على جوازه فدل على فساد هذا الاعتبار والله أعلم .
قال الماوردي : وهذا الذي قاله المزني لعمري حجة من أسقط زكاة الحلي ، أنه لما كان في الماشية زكاة وليس في المستعمل منها زكاة وجب أن يكون في الذهب والورق زكاة ، وليس في المستعمل منها زكاة ولمن قال بوجوب زكاة الحلي أن ينفصل عن هذا ، بأن زكاة المواشي تجب بوصف زائد ، وهو السوم فإذا استعمل فقد عدم الوصف الموجب فسقطت الزكاة وليس كذلك الذهب والورق ، لأن زكاتهما تجب من غير وصف يعتبر فإذا استعملا لم يمنع استعمالهما وجوب الزكاة فيهما أو لا ترى أن ما استعمل من المواشي فيما لا يحل من قطع الطريق ، وإخافة السبيل لم تجب فيه الزكاة ، وما استعمل من الذهب والورق فيما لا يحل من الأواني والحلي وجبت فيه الزكاة فوضح الفرق بين ما استعمل من المواشي وبين ما استعمل من الحلي والله أعلم .