الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج3-ص277
حلية وإخراج زكاته من عينه منعه ، لأن فيه إتلاف ما اعتبره من الصنعة ، وهذا الذي قاله أبو العباس عندي غلط ، فإن الزكاة في الحلي إذا وجبت فإنها تجب في عينه لا في قيمته ، ألا ترى أنه لو كان وزن الحلي مائة وقيمته لصنعته مائتان لم تجب فيه الزكاة ، لأن وزنه لم يبلغ نصاباً ، وإن بلغت قيمته نصاباً ، وإذا وجبت زكاة الحلي في عينه لم يجب اعتبار قيمته ، ولأن زيادة القيمة في مقابلة الصنعة ، وليست الصنعة عيناً تجب فيها الزكاة ، فلم يجز اعتبارها ولأنه لو وجب اعتبار الصنعة لوجب المطالبة بزكاة جميع القيمة حتى إذا كان وزنه ألفاً وقيمته ألفاً طولب بزكاة ألفين ، فإن قال أبو العباس : لست أجعل الصنعة عيناً وإنما أجعلها من صفات العين وأجعل الزكاة في العين على مثل تلك الصنعة كما أقول في الدنانير المضروبة تجب الزكاة في عينها على مثل صفتها وضربها ، فإن دفع ذهباً خالصاً غير مضروب مثل ذهب الدنانير المضروبة لم يجز ، فكذا في الحلى المصوغ تجب زكاته في عينه على مثل صفته في صنعته ، فإن دفع مثل جنسه غير مصوغ لم يجز ، قيل له الفرق بينهما ، أن ضرب الدنانير وطبعها أقيم مقام صفات الجنس من الجودة والرداءة لجواز ثبوته في الذمة كثبوت ضمان الجنس فوجب اعتباره في الزكاة كما وجب اعتبار صفات الجنس وليس صفة الحلي جارية مجرى صفات الجنس ، لأنه لا يصح ثبوتها في الذمة فلم يجز اعتبارها في الزكاة يوضح ما ذكرت ، أن من أتلف على غيره دنانير مضروبة لزمه مثلها ولو أتلف حلياً مصوغاً لم يلزمه مثله مصوغاً ، على أن أبا العباس يجيز أخذ القيمة في زكاة الحلي ويمنع منها في زكاة الدنانير ، فخالف المذهب في جواز أخذ القيم ، وفرق بينهما من حيث جمع فلا بالمذهب أخذ ولا للحجاج انقاد ، فإذا وضح ما ذكرنا فلا اعتبار بصفته ولا معول على قيمته ويزكيه على وزنه إما منه أو من غيره .
أحدهما : زكاة العين فعلى هذا لا اعتبار بالصنعة .
والقول الثاني : زكاة التجارة فعلى هذا يجب اعتبار الصنعة لوجوب الزكاة في القيمة .
وأما إذا أتلف على غيره حلياً مصوغاً فعليه ضمان قيمته مصوغاً وسواء كان مالكه ممن تستبيح لبسه أم لا . إذا كان الحلي مما يستباح لبسه بحال ، فإذا كان وزنه ألفاً وقيمته ألفين ضمن ألفين وفي كيفية ضمانها وجهان :
أحدهما : يضمنها دراهم فيلزمه ألفين درهم ألف منها في مقابلة الألف والألف الأخرى في مقابلة الصياغة .