الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج3-ص266
أحد القولين : وجوب الزكاة في ماله .
والقول الثاني : وقوف الأمر على مراعاة حاله ، فإن أسلم وجبت وإن قتل لم تجب ، والقول خرجه أبو إسحاق وامتنع منه أبو العباس لا زكاة في ماله بحال سواء أسلم أو قتل ، وقد ذكرنا تخريج هذا القول وسبب اختلافهم فيه .
مسالة : قال الشافعي رضي الله عنه : ‘ وحرامٌ أن يؤدي الرجل الزكاة من شر ماله لقول الله جل وعز ( وَلاَ تَيَمَّمُوا الخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بآخِذِيهِ إِلاّ أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ ) يعني والله أعلم لا تعطوا في الزكاة ما خبث أن تأخذوه لأنفسكم وتتركوا الطيب عندكم ‘ .
قال الماوردي : وهو كما قال المزني :
وقد مضى ذلك في غير موضع ، وقلنا إن إخراج الرديء عن الجيد لا يجوز ، وإخراج الجيد عن الرديء لا يجب وقوله تعالى : ( وَلاَ تَيَمَّمُوا الخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ ) ( البقرة : 267 ) فيه تأويلان :
أحدهما : الحرام في صدقة التطوع .
والثاني : الرديء في الفرض والتطوع وهو أصح التأويلين لأنه تعالى قال ( وَلَسْتُمْ بآخِذِيهِ إلاَّ أنْ تُغْمِضُواْ فِيه ) ( البقرة : 267 ) والحرام لا يجوز أن يغمض في أخذه على أن سبب نزول هذه الآية ، منقول وهو ما روي أن النبي ( ص ) دخل المسجد فرأى فيه عذقاً حشفاً فقال : ما هذا ؟ فقالوا : صدقة فلان ، يعنون رجلاً من الأنصار ، فغضب وقال : إن الله غنيٌّ عن فلانٍ وصدقتهِ ، فأنزل الله تعالى هذه الآية .
وقد روي أن مصدقاً للنبي ( ص ) أتاه بفصيل محلولٍ في الصدقة فقال النبي ( ص ) انظروا إلى فلانٍ أتانا بفصيل محلول ، فبلغه فأتاه بدله بناقة كوماءٍ ، قال أبو عبيد المحلول هو الهزيل الذي قد حل جسمه .