پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج3-ص261

التراب غير مقصود ، فهذا الكلام في الغش إذا كان مقصوداً ، فأما إن كان غير مقصود فعلى ضربين :

أحدهما : أن تكون الفضة والغش ممتزجين فلا تجوز المعاملة بها ، لا معينة ولا في الذمة ، لأن مقصودهما مجهول بممازجة ما ليس بمقصود كتراب المعادن .

والثاني : أن تكون الفضة والغش غير ممتزجين وإنما الفضة على ظاهرها والغش في باطنها كالزرنيخية فتجوز المعاملة بها إذا كانت حاضرة معينة ، لأن المقصود منها مشاهد ، ولا تجوز المعاملة بها في الذمة للجهل بمقصودها ، فهذا حكم الورق المغشوشة في المعاملة ، لكن لا يجوز بيع بعضها ببعض ولا بيعها بالفضة ، لأجل الربا ، وقد روي عن ابن مسعود أنه باع سقاطة بيت المال من المغشوش والزائف بوزنة من الورق الجيد ، فأنكر ذلك عمر بن الخطاب ورد البيع ، فلو أتلفها رجل على غيره لم يلزمه مثلها ، لأنه لا مثل لها ولزمه رد قيمتها ذهباً والحكم في الدنانير المغشوشة كالحكم في الورق المغشوشة .

وقال أبو حنيفة : إن كان غشها مثل نصفها أو أكثر فلا زكاة فيها حتى تباع قدر حصتها نصاباً .

فصل

: فأما وجوب زكاتها فلا شيء فيها حتى يبلغ قدر فضتها نصاباً وإن كان غشها أقل من نصفها ففيها الزكاة ، وإذا بلغت نصاباً بناء على أصله في أن الغش إذا نقص عن النصف سقط حكمه ، حتى لو اقترض رجل عشرة دراهم فضة لا غش فيها فرد عشرة فيها أربعة دراهم غش لزم المقرض قبولها ، وفساد هذا القول ظاهر ، والاحتجاج عليه تكلف ، وقوله ( ص ) ‘ ليس فيما دون خمس أواقٍ من الورق صدقةٌ ‘ يمنع من وجوب الزكاة فيما ليس فيه خمس أواق من الورق ، فإذا ثبت أن لا زكاة فيها حتى يبلغ قدر فضتها نصاباً فإذا علم قدر الفضة يقيناً أو احتياطاً وأخرج زكاته جاز ، وإن شك ولم يحتط ميزها بالنار فإن أخرج زكاتها فضة خالصة جاز ، وإن أخرج زكاتها منها أجزأه ، إذا علم أن فيما أخرجه من الفضة مثل ما معه أو أكثر وسواء تعامل الناس بها أم لا ، لأنها من جملة ماله .

مسألة :

قال الشافعي رضي الله عنه : ‘ ولو كانت له فضة خلطها بذهب كان عليه أن يدخلها النار حتى يميز بينهما ، فيخرج الصدقة من كل واحدْ منهما ‘ .

قال الماوردي : وهذا كما قال إذا كانت له فضة قد خالطها ذهب وأراد إخراج زكاتها فله حالان :

أحدهما : أن يتولى إخراجها بنفسه فإن علم قدر الفضة والذهب يقيناً وكان كل واحد