پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج3-ص253

أنه لو ملك للتجارة خمساً من الإبل سائمة لم تجب فيها الزكاتان معاً ، ولأن الخراج يجب بحكم الشرك والعشر يجب بحكم الإسلام وهما متنافيان فلم يجز أن يجتمعا .

والدليل على ما قلناه من جواز اجتماعهما قوله ( ص ) فيما سقت السماء العشر فعم ولم يخص ولأنه حكم يتعلق بالمستفاد من غير أرض الخراج فجاز أن يتعلق بالمستفاد من أرض الخراج كالمعادن ، ولأن العشر [ وجب بالنص والخراج وجب بالاجتهاد ، وما ورد به النص أثبت حكماً فلم يجز إبطاله بما هو أضعف منه حكماً ، ولأن الخراج ] أجرة لا جزية ، لجواز أخذه من المسلم ، وإذا كان أجرة لم يمنع وجوب العشر كالأرض المستأجرة ولأنهما حقان مختلفان وجبا بسببين مختلفين فجاز اجتماعهما كالمحرم إذا قتل صيداً مملوكاً ، واختلاف حقهما أن العشر يجب لأهل السهمان والخراج دارهم تجب لبيت المال ، واختلاف موجبهما أن الخراج واجب في رقبة الأرض وجدت المنفعة أو فقدت ، والعشر واجب المنفعة ، ويسقط بفقد المنفعة فلم يجز إسقاط أحد الحقين بالآخر تشبيهاً بما ذكرنا .

وأما الجواب عن قوله العشر والخراج لا يجتمعان في أرض مسلم فهو حديث ضعيف رواية إسحاق بن عنبسة ، وقيل إنه يضع الحديث ، ولو صح لم يكن منع اجتماعهما دالاً على إسقاط العشر بأولى من أن يكون دالاً على إسقاط الخراج ، ولو سلم من هذا القلب لكان محمولاً على الخراج الذي هو جزية تجب على الذمي ويسقط عن المسلمين وبمثله يجاب عن قوله منعت العراق درهمها وقفيزها إن صح ، ولا أراه صحيحاً على أن رسول الله ( ص ) ذكر الفتن ثم روي أنه قال بعد أن ذكرها منعت العراق درهمها وقفيزها ، فدل ذلك على أن سبب المنع ما ذكره من الفتن ، ولولاها لم يكن مانعاً منها فكان دالاً على صحة مذهبنا مبطلاً لمذهبهم .

وأما الجواب عن حديث عمر في دهقان نهر الملك ، فلا يدل على إسقاط العشر ، وإنما يدل على إيجاب الخراج ، فإن قيل لو وجب العشر لأمر به ، قيل العشر إنما يجب في الزرع ولعله لم يكن له زرع ، أو لم يكن وقت حصاد الزرع ، أو لم يكن من أمره بأخذ الخراج ، والياً على جباية العشر .

وأما قوله إن الخراج يجب بالمعنى الذي يجب به العشر فغير صحيح ، لأن الخراج يجب في رقبة الأرض والعشر يجب في الزرع .