الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج3-ص244
الملك ، وهذا غلط لأن تأخير الأداء عن وقت الحصاد إلى وقت التصفية إنما وجب لتكامل منافعه ، وإذا وجب الآداء بعد تكامل المنافع فالمؤنة عليه ، لأنها من حقوق التسليم ، فإذا ثبت هذا لم يجز أخذ شيء من الحبوب المزكاة إلا بعد خروجها من كمامها إلا العلس إذا بقي في إحدى قشرتيه فإن الشافعي قال : أخير رب المال بين أن يعطى من كل عشرة أوسق منه وسقاً ، لأنه بهذه القشرة أبقى ، وبين أن يخرجه من هذه العشرة وأخذ من كل خمسة أوسق العشر ، فأما الحنطة فلا يجوز أخذها في سنبلها وإن كانت فيه أبقى لتعذر كيلها .
قال الماوردي : قد ذكرنا أن إخراج زكاة الثمار بعد اليبس والجفاف ، والزروع بعد الدياس والتصفية ، فلو أخذ الوالي زكاة النخل رطباً ، والكرم عنباً والزرع سنبلاً كان مسيئاً به ، ولزمه رده ، وأخذ الزكاة بعد الجفاف والدياس ، فإن تلف من يده قبل رده ولزمه رد قيمته على ربه ، والمطالبة بالزكاة بعد اليبس والجفاف ، فلو كان ما أخذه رطباً باقياً فيبس في يده ، فإن كان بقدر الزكاة لم يرده على رب المال وقد أجزأته عن زكاته وإن كان ناقصاً عن قدر الزكاة طالبه رطبه بما بقي منها لا غير .
قال الماوردي : وهذا صحيح ، كل تمرة لا يجوز بيعها بيابس من جنسها ، ولا يجوز بيع رطبها برطبها ، ولا يجوز بيع الرطب بالرطب ، ولا بيع التمر بالرطب ، ولا بيع العنب بالعنب ، ولا بيع الزبيب بالعنب ، وهذا يأتي في كتاب البيوع مستوفى ويذكر الخلاف فيه إن شاء الله . قال الشافعي بعد هذه المسألة والعشر مقاسمة كالبيع ، وقد ذكرنا أن في القسمة قولين :
أحدهما : أنها كالبيع .
والثاني : أنها إقرار حق وتمييز نصب ، وسيجيء توجيه القولين في موضعه من كتاب البيوع ، فإذا قيل إنها كالبيع ، لم يجز أن يقتسم الشركاء ثماراً رطبة ، وإذا قيل إنها إقرار حق جاز اقتسامهم لها كيلاً ووزناً ولم يجز جزافاً ، لأن حق كل واحد لا يتميز وأما قسمة أرباب الأموال وأهل السهمان فقد مضى الكلام فيها مقنعاً والله أعلم .