الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج3-ص235
والورس ، والزعفران والقرطم ، وعلق القول في خامس ليس من جنسها وهو العسل ، فأما الزيتون فله في إيجاب زكاته قولان :
أحدهما : وهو قوله في القديم فيه الزكاة ، وبه قال مالك لقوله تعالى : ( وَهُوَ الَّذِي أَنشَأَ جَنَّاتٍ مَّعْرُوشَاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشَاتٍ وَالنَّخْلَ وَالزَّرْعَ مُخْتَلِفاً أُكُلُهُ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُتَشَابِهاً وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ كُلُواْ مِن ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُواْ حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ ) ( الأنعام : 141 ) . فاقتضى أن يكون الأمر باتيان الحق راجعاً إلى جميع المذكور من قبل .
وروي عن عمر رضي الله عنه أنه كتب إلى عامله بالشام أن يأخذ زكاة الزيتون .
وروي عن ابن عباس رضي الله عنه أنه قال في الزيتون العشر ، ولا مخالف لهما في الصحابة فكان إجماعاً ، ولأن عادة أهل بلاده جارية بإدخاره واقتنائه كالشام وغيرها مما يثكر نبات الزيتون بها ، فجرى مجرى التمر والزبيب ، فاقتضى أن تجب فيه الزكاة .
والقول الثاني : نص عليه في الجديد وهو الصحيح . وبه قال ابن أبي ليلى والحسن بن أبي صالح لا زكاة فيه ، لما روى أن النبي ( ص ) لما بعث معاذاً إلى اليمن قال له : ‘ لا تأخذ العشر إلا من أربعة الحنطة ، والشعير ، والنخل ، والعنب ‘ فأثبت الزكاة في الأربعة ونفاها فيما عدا ذلك ، ولأنه قد كان موجوداً على عهد رسول الله ( ص ) فيما افتتحه من مخاليف اليمن وأطراف الشام فل ينقل أنه أخذ زكاة شيء منه ، ولو وجبت زكاته لنقلت عنه قولاً وفعلاً كما نقلت زكاة النخل والكرم قولاً وفعلاً ، ولأنه وإن كثر من بلاده فإنه لا يقتات منفرداً كالتمر والزبيب ، وإنما يؤكل إدماً ، والزكاة تجب في الأقوات ولا تجب في الإدام ، فإذا ثبت توجيه القولين فإن قلنا إنه لا زكاة فيه فلا مسألة ، وإن قلنا فيه الزكاة فلا شيء فيما دون خمسة أوسق للخبر ، فإذا بلغ خمسة أوسق ففيه الزكاة حينئذ ، ولا يجوز خرصه ، لأن الزيتون مستتر بورقه لا يمكن الإحاطة بمشاهدته ، وليس كالنخل والكرم البارز الثمر الذي يمكن الإحاطة به ، ثم له حالان :
أحدهما : أن يكون مما يصير زيتاً .
والثاني : أن يكون مما لا يصير زيتاً ، فإن كان مما لا يصير زيتاً اعتبر فيه خمسة أوسق منه ، وأخذ عشره زيتوناً ، وإن كان مما يصير زيتاً فعلى قولين :
أحدهما : يعتبر فيه خمسة أوسق زيتاً ، لأن الزيت حالة ادخاره كالتمر ، فعلى هذا يؤخذ عشره زيتاً لا غير .
والقول الثاني : يعتبر فيه خمسة أوسق زيتوناً ، لأن الزيت مستخرج من الزيتون بصنعة وعلاج فلم يكن كحاله كالدبس والدقيق ، فعلى هذا يؤخذ عشره زيتاً لا غير .