الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج3-ص233
قال الماوردي : وهذا صحيح .
إذا كانت ثمرته لا تصير تمراً فاستهلكها رطباً فلا يلزمه مثل عشرها رطباً ، لأن الرطب لا مثل له ، فإن أكلها قبل خرصها عليه رجع في قدرها إليه ، فإن اتهم أحلف استظهاراً ، وإن أكلها بعد الخرص أخذ منه قيمة عشر خرصها رطباً ، فإن ذكر زيادة عن الخرص أو ادعى نقصاناً محتملاً كان القول قوله فيه ، لأنه أمين ، فإن اتهم أحلف وفي هذا اليمين وجهان :
أحدهما : واجبة .
والثاني : استظهار .
قال الماوردي : وهو كما قال .
حكم التمر والعنب سواء في الزكاة وأحكامها وما تقدم من مسائلها ، لأن رسول الله ( ص ) جمعهما في الخبر وشبه أحدهما بالآخر .
مسألة : قال الشافعي : ‘ وقد روي عن النبي ( ص ) أنه بعث مع ابن رواحة غيره ( قال الشافعي ) وفي كل أحب أن يكون خارصان أو أكثر وقد قيل يجوز خارص واحدٌ كما يجوز حاكمٌ واحدٌ ‘ .
قال الماوردي : اعلم أن قوله : ‘ وأحب أن يكون خارصان أو أكثر ‘ دليل على أن الخارص الواحد يجزئ ، وقوله : وقد قيل يجوز أن يكون خارص دليل على أن الخارص الواحد لا يجزئ ، فاختلف أصحابنا فيمن يصح الخرص به ، فكان أبو العباس بن سريج وأبو سعيد الأصطخري يقولان : يجوز خارص واحد وليس في المسألة قول آخر ، وكان أبو إسحاق المروزي وأبو علي بن أبي هريرة يقولان المسألة على قولين ، وهو قول جمهور أصحابنا أحد القولين إنه لا يجزئ إلا خارصان لما روى أن النبي ( ص ) كان يبعث مع ابن رواحة غيره ، وقد قيل بعث معه سهل بن أبي حثمة ، فإذا كان جواز الخرص حكما مستفاداً بالشرع وجب المصير إليه على ما ورد الشرع به ، ولأن الخرص اجتهاد في معرفة القدر وتمييز الحقوق فشابه التقويم وخالف الكيل والوزن ، لأنهما يقين لا اجتهاد فيهما ، فلما ثبت أن التقويم لا يجزئ فيه إلا مقومان فكذا الخرص لا يجزئ فيه إلا خارصان .
والقول الثاني : يجزئ خارص واحد لما روي أن النبي ( ص ) بعث ابن رواحة خارصاً فخرص خيبر وقال : ‘ إن شئتم فلكم وإن شئتم فلي ‘ .
وروي أنه بعث معه غيره ، فلو أن الاثنان شرطاً لما بعثه منفرداً ، ولو كان شرطاً في عام لكانا شرطاً في كل عام ، ولأن الخارص مجتهد في تقدير الحقوق وتنفيذ الحكم موقوف عليه