الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج3-ص232
قال الماوردي : قد مضت هذه المسألة ، وقلنا إن من أتلف ثمرة نفسه رطباً بعد خرصها عليه وتركها في يده لزمه عشرها تمراً إن أخذها مضمونة ، فإن أخذها أمانة فعلى وجهين :
أحدهما : يلزمه أكثر الأمرين من عشرها تمراً أو قيمتها رطباً .
والثاني : وهو الصحيح : عليه عشرها تمراً وإنما أعادها الشافعي لأن الأولى بعد الخرص وذكر هذه قبل الخرص وهما يستويان في كيفية الضمان ، وإنما يختلفان في أن من أتلفها بعد الخرص أخذ منه عشر خرصها ومن أتلفها قبل الخرص رجع إلى قوله في قدرها .
قال الماوردي : وهذا كما قال .
ما لا يتميز من الثمار ضربان :
ضرب لا يصير تمراً لضعفه .
وضرب يصير تمراً لكن لا يجفف لقلة منفعته ، وكلاهما سواء يؤخذ عشرها رطباً ، أو ثمن عشرها فإن كانت ثمرة الرجل لا يصير تمراً أو كرمه لا يصير زبيباً أعلم الوالي وطالعه به ، لتزول تهمته عنه ، ثم يكون الجواب فيما يصنعه الوالي معه على ما مضى فيمن أراد قطع ثمرته لأجل العطش سواء لا فرق بينهما ، فإن أراد أن يقاسمه عليها خرصاً كان على قولين وإن أراد بيعها كان بالخيار بين أن يبيعها عليه ، أو يوكله في بيعها ، أو يبيعها على غيره ، أو يوكل الغير في بيعها في نصابها وجهان :
أحدهما : إذا تلفت خمسة أوسق رطباً وجبت زكاتها ، لأن ما لا يجفف من الرطب فالرطب غايته فوجب اعتبار الأوسق في حال غايته .
والوجه الثاني : نصابه أن يبلغ قدراً يجيء من ثمره خمسة أوسق ، لأن هذا نادر من جنسه فاعتبر حكمه بغالب جنسه فعلى هذا هل يعتبر بنفسه في جفافه أو يعتبر بجفاف الغالب من جنسه ؟ على وجهين :
أحدهما : أن يعتبر قدر نصابه بجفافه في نفسه دون غيره فإذا بلغ قدراً يجيء من رطبه خمسة أوسق تمراً فهو النصاب ووجبت فيه الزكاة ، وإن نقص عنه فلا زكاة .
والوجه الثاني : يعتبر قدر نصابه بجفاف غيره من جنسه لتعذر جفافه في نفسه كجراح الحر ، وشجاجه الذي لم يقدر إرشه لما تعذر تقويمه حراً قومٌ لو كان عبداً ، فإذا بلغ هذا الرطب قدراً يجيء من غيره من الأرطاب خمسة أوسق تمراً فهو النصاب ، ولا شيء فيما دونه .